للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} وسيعلي كلمته في الدنيا، ويظهر دينه، ويرفع في الآخرة درجته، ويدخل من صدقه، جنات تجري من تحتها الأنهار، وينتقم ممن كذّبه، ويذيقه عذاب الحريق، فمن كان من أعاديه، يغيظه ذلك، فليبالغ في كيده إلى أقصى مجهوده، فقصارى أمره خيبة مسعاه، ودوام غيظه، دون أن يصل إلى غاية، أو يبلغ أمنيته.

وتلخيص هذا (١): أيها الكاره لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، الذي أرسل لانقاذك، إنَّ نعم الله على عباده كثيرة، ولا سيما بعثة الأنبياء، فإذا كرهت ما أنعم الله به عليك، ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - ... فكأنك تختنق؛ لأنك تكره النعم لنفسك، فتستبيح خنقها من حيث لا تشعر.

وقرأ أبو عمرو وابن عامر (٢): {ليقطع} {ثم ليقضوا} بكسر اللام، زاد ابن عامر {وليوفوا} {وَلِيَطَّوَّفُوْا} بكسر اللام أيضًا. وكسر ابن كثير لام {ثُمَّ لْيَقْضُوا} فحسب. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بسكون هذه اللامات، وكذلك في كل القرآن، إذا كان قبلها واو، أو فاء، أو ثم. قال الفرّاء: من سكن فقد خفّف. وكل لام أمر وصلت بواو أو فاء فأكثر، كلام العرب تسكينها، وقد كسرها بعضهم. قال أبو علي: الأصل الكسر، لأنك إذا ابتدأت قلت: ليقم زيد.

١٦ - {وَكَذَلِكَ}؛ أي: ومثل إنزالنا ما تقدم من الآيات، من أول السورة إلى هنا {أَنْزَلْنَاهُ}؛ أي: أنزلنا القرآن كله؛ أي: ومثل ذلك الإنزال البديع، المنطوي على الحكم البالغة، أنزلناه؛ أي: أنزلنا القرآن الكريم كله حال كونه {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}؛ أي: واضحات الدلالة على معانيها اللطيفة، والأسرار العجيبة.

والمعنى: أي وكما بينت لكم حججي، على من جحد قدرتي على إحياء من مات من الخلق بعد فنائه، وأوضحتها غاية الإيضاح، أنزلنا القرآن كله آيات واضحات الدلالة على معانيها.


(١) المراغي.
(٢) زاد المسير.