للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان قبلكم يجر إزاره من الخيلاء .. خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة". أخرجه البخاري.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الفخر والخيلاء في الفدادين من أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم". متفق عليه. الفدادون: هم الفلاحون والحراثون، وأصحاب الإبل والبقر، المتكثرون منها، المتكبرون على الناس بهما.

٣٧ - ثم بين الله سبحانه وتعالى المختال الفخور فقال: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} والأظهر أن الموصول منصوب على الذم، أو مرفوع على الذم، ويجوز أن يكون بدلًا من قوله كان مختالًا، وأن يكون مبتدأ خبره محذوف، تقديره: أحقاء بكل ملامة، أو كافرون، والأوضح من هذه الأوجه كلها أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف، تقديره: هؤلاء المختالون الفخورون هم الذين يبخلون ويمنعون الناس ما منحوا به من المال والعلم، ويأمرون الناس غيرهم بالبخل، والامتناع من أداء ما يجب عليهم أداؤه من المال والعلم، ويحثونهم عليه.

روى ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس: كان جماعة من اليهود يأتون إلى الأنصار يتنصحون لهم، فيقولون: لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها، ولا تسارعوا في النفقة، فإنكم لا تدرون ما يكون، فأنزل الله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ...} إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا} كما مر في أسباب النزول.

والمراد بالبخل في الآية (١): البخل بالإحسان، الذي أمر به فيما تقدم، فيشمل البخل بلين الكلام، وإلقاء السلام، والنصح في التعليم، وإنقاذ المشرف على التهلكة.

وفي البخل أربع لغات: فتح الباء والخاء، وبها قرأ حمزة والكسائي،


(١) المراغي.