للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمعنى لو الشرطية؛ أي: لو كان معه تعالى آلهة أخرى كما يقولون لذهب كل إله؛ أي: لانفرد كل واحد من الآلهة بخلقه الذي خلقه، وامتاز ملكه عن ملك الآخرين؛ أي: لو قدر تعدد الآلهة .. لانفرد كل منهم بما خلق، إذ لكل صانع ضرب من الصنعة يغاير صنعة غيره، فكان يحصل التباين في نظم الخلق والإيجاد، ويوجد الاختلاف بين المخلوقات المتحدة الأنواع فلا ينتظم الكون، والمشاهد أنه منتظم متسق، وهو الغاية في الكمال، كما قال: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}.

٢ - {ولـ} وقع بينهم التطالب والتحارب والتغالب و {عَلَا بَعْضُهُمْ}؛ أي: ولغلب بعضهم {عَلَى بَعْضٍ}؛ أي: ولغلب القوي منهم الضعيف، وقهره وأخذ ملكه كعادة ملوك الدنيا، وإذا لم تروا أثرًا للتحارب والتغالب، فاعلموا أنه إله واحد، بيده ملكوت كل شيء، وإله ترجعون.

وبعد أن وضح الحق، وصار كفلق الصباح، جاء بما هو كالنتيجة لذلك، فقال: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩)}، ويضيفونه إليه تعالى من الأولاد والشركاء؛ أي: تنزه ربنا وتقدس عما يقوله الكافرون، من أن له ولدًا أو شريكًا، أو نزهوه تنزيهًا، وقرىء: {عما تصفون} بتاء الخطاب.

٩٢ - {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}؛ أي: عالم السر والعلانية، بالجر على أنه بدل من الجلالة، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو سبحانه وتعالى العالم بما غاب عن خلقه من الأشياء، فلا يرونه، ولا يشاهدونه، وبما يرونه ويبصرونه؟.

والمراد (١): أن الذين قالوا بالولد والشريك مخطئون فيما قالوا، فإنهم يقولون عن غير علم، وأن الذي يعلم الأشياء شاهدها وغائبها, ولا تخفى عليه خافية من أمرهما قد نفى ذلك، فخبره هو الحق دون خبرهم.

وقرأ الإبنان (٢) - ابن كثير وابن عامر - وأبو عمرو هو حفص: {عالم} بالجر


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.