للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيه مجرى الوقف، والأحسن في العربية الفتح. قال أبو علي: هي شاذة في القياس؛ لأنها جمعت بين ساكنين، وشاذة في الاستعمال.

وروى أبو خالد عن نافع {ومحياي} - بكسر الياء -، وقرأ ابن إسحاق وعيسى بن عمرو الجحدري: {ومحيي} - من غير ألف - على لغة هذيل؛ وهي لغة عليا مضر، ومنه قول الشاعر:

سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم ... فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع

وقرأ عيسى بن عمر: {صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي} - بفتح الياء -، وروي ذلك عن عاصم.

١٦٣ - {لا شَرِيكَ لَهُ} سبحانه وتعالى في شيء من ذلك من الصلاة والنسك والمحيا والممات، ولا شريك له في الخلق والقضاء والقدر وسائر أفعاله لا يشاركه فيها أحد من خلقه {وَ} قل لهم يا محمد {بِذلِكَ} التوحيد أو الإخلاص {أُمِرْتُ}؛ أي: أمرني ربي {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} من هذه الأمة؛ لأن إسلام كل نبي سابق على إسلام أمته؛ لأنهم منه يأخذون شريعته. قاله قتادة؛ أي: وأنا أول من أقر بالوحدانية، وأذعن وخضع لله سبحانه وتعالى، وأخلص في التوحيد والعبادة لله من هذه الأمة، وقيل معناه: وأنا أول المستسلمين لقضائه وقدره تعالى. والمراد (١) من كون محياه ومماته لله تعالى أنه قد وجه وجهه، وحصر نيته وعزمه في حبس حياته لطاعته ومرضاته، وبذلها في سبيله، فيموت على ذلك كما يعيش، والآية جامعة لكل الأعمال الصالحة التي هي غرض المؤمن الموحد من حياته وذخيرته لمماته، ويكون فيها الإخلاص لله رب العالمين، فينبغي للمؤمن أن يوطن نفسه على أن تكون حياته لله ومماته لله، فيتحرى الخير والصلاح، والإصلاح في كل عمل من أعماله، ويطلب الكمال في ذلك لنفسه رجاء أن يموت ميتة ترضي ربه، ولا يحرص على الحياة لذاتها، فلا يرهب الموت فيمتنع من الجهاد في سبيل الله، كما أن عليه أن يقيم ميزان العدل، فيأخذ على أيدي أهل الجور،


(١) المراغي.