بأنه أذى، ورتب الحكم عليه بالفاء إشعارًا بأنه العلة. {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ}؛ أي: لا تجامعوهن {حَتَّى يَطْهُرْنَ}؛ أي: حتى ينقطع عنهن دم الحيض ويغتسلن، وهذا تأكيد لحكم الاعتزال، وبيان لغايته، وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع.
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، ويعقوب الحضرمي {حَتَّى يَطْهُرْنَ} بسكون الطاء وضم الهاء بمعنى: حتى ينقطع عنهن الدم، وقرأ شعبة، وحمزة والكسائي {يطهرن} بتشديد الطاء والهاء بمعنى: يغتسلن {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}؛ أي: اغتسلن من حيضهن أو تيممن عند تعذر استعمال الماء {فَأْتُوهُنَّ}؛ أي: جامعوهن {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}؛ أي: في المكان الذي أحله الله لكم؛ وهو القبل الذي هو مكان النسل والولد، ولا تعتدوا إلى غيره؛ وهو الدبر، أو المعنى جامعوهن في المكان الذي أمركم الله بتجنبه في حالة الحيض وهو القبل.
واتفق مالك والأوزاعي والثوري والشافعي أنه إذا انقطع حيض المرأة .. لا يحل للزوج مجامعتها إلا بعد أن تغتسل من الحيض، والمشهور عن أبي حنيفة أنها إن رأت الطهر دون عشرة أيام .. لم يقربها زوجها، وإن رأته لعشرة أيام .. جاز أن يقربها قبل الاغتسال. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ} ويثيب {التَّوَّابِينَ} من الذنوب والرجاعين عنها، بالندم على ما مضى منها، والترك في الحاضر، والعزم على أن لا يفعل مثلها في المستقبل {وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}؛ أي: المتنظفين بالماء من الأحداث والجنابات والنجاسات، أو المتنزهين عن المعاصي والفواحش، كمجامعة النساء في زمان الحيض، وإتيانهن في الأدبار، وقيل: يحب المستنجين بالماء.
٢٢٣ - {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}؛ أي: فروج نسائكم مزرعة لأولادكم {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ}؛ أي: مزرعتكم {أَنَّى شِئْتُمْ}؛ أي: من أي جهة شئتم من أمامها أو ورائها، وعلى أي حال شئتم من قيام أو قعود أو اضطجاع، فهو مخير بين ذلك إذا كان الإتيان في قبلها لا في دبرها.
وفي الآية: دليل على تحريم إتيان النساء في أدبارهن؛ لأن محل الحرث لها والزرع هو القبل لا الدبر، ويؤيد ذلك ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه