من النيرات؛ لأنه الظاهر من سياق الكلام، ولأنه المعهود في الاهتداء، وهذه إحدى منافع النجوم التي خلقها الله لها.
ومنها: ما ذكره الله في قوله: {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧)}، {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}.
ومنها: جَعْلها زينة للسماء، ومن زعم غير هذه الفوائد .. فقد أعظم على الله الفرية. {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}؛ أي: قد بينا العلامات الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا لقوم يعلمون؛ أي: يتأملون فيستدلون بالمحسوس على المعقول وينتقلون من الشاهد إلى الغائب؛ أي: فإن هذه النجوم كما يستدل بها على الطرقات في ظلمات البر والبحر، فكذلك يستدل بها على معرفة الصانع الحكيم، وكمال قدرته وعلمه.
وكانت العرب في أيام بداوتها تؤقت بطلوع النجوم، فتحفظ أوقات السنة بالأنواء، وهي نجوم منازل القمر في مطالعها ومغاربها، وكان اهتداؤهم بالنجوم على ضربين:
١ - معرفة الوقت من الليل، أو من السنة.
٢ - معرفة المسالك والطرق والجهات.
والمراد بالظلمات: ظلمة الليل، وظلمة الأرض، أو الماء، وظلمة الخطأ والضلال.
وحاصل المعنى: والله هو الذي جعل لكم النجوم أدلة في البر والبحر إذا ضللتم الطريق، أو تحيرتم فلم تهتدوا فيها ليلًا، فيها تستدلون على الطرق فتسلكونها، وتنجون من الخطأ والضلال في البر والبحر.
٩٨ - {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {الَّذِي أَنْشَأَكُمْ} وأوجدكم وخلقكم مع كثرتكم واختلاف ألسنتكم وألوانكم {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} هي الإنسان الأول الذي تسلسل منه سائر الناس بالتوالد، وهو آدم عليه السلام، وفي إنشاء البشر من نفس واحدة آيات بينات على قدرة الله وعلمه وحكمته ووحدانيته، وفي التذكير بذلك إيماء إلى ما يجب من شكر نعمته، وإرشاد إلى ما يجب من التعارف والتعاون بين البشر، وأن يكون هذا التفرق إلى