للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نزل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الله أكبر، فكبّرت خديجة أيضًا وفرحت، وأيقنت أنّه الوحي؛ لأن الشيطان لا يأمر بالتكبير ونحوه. ودخل فيه تكبير الصلاة وإن لم يكن في أوائل النبوة صلاة.

والفاء لمعنى الشرط كأنّه قيل: مهما يكن من شيء .. فلا تدع تكبيره ووصفه بالكبرياء، أو للدلالة على أن المقصود الأول من الأمر بالقيام أن يكبر ربه وينزهه عن الشرك، فإن أول ما يجب معرفة الصانع، ثم تنزيهه عما لا يليق بجنابه. فالفاء على هذا تعقيبية لا جزائية، وقال ابن جنيّ: الفاء: فيه زائدة كما في قولك: زيدًا فاضرب؛ أي: زيدًا اضرب.

وقال ابن العربي (١): المراد به تكبير التقديس والتنزيه بخلع الأضداد والأنداد، والأصنام، ولا يتخذ وليًّا غيره ولا يعبد سواه، ولا يرى لغيره فعلًا إلَّا له ولا نعمة إلا منه.

والمعنى: أي وخصّ ربك وسيدك ومالكك ومصلح أمورك بالتكبير، وهو وصفه سبحانه بالكبرياء والعظمة، وأنه أكبر من أن يكون له شريك كما يعتقده الكفّار وأعظم من أن يكون له صاحبةٌ أو ولدٌ.

وحاصل المعنى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) أي: (٢) يا أيّها الذي تدثّر بثيابه رعبًا وفرقًا من رؤية الملك عند نزول الوحي أوّل مرّة شمر عن ساعد الجد، وأنذر أهل مكة عذاب يوم عظيم، وادعهم إلى معرفة الحق لينجوا من هول ذلك اليوم الذي تذهل فيه كلّ مرضعة عمّا أرضعت، والداعي إلى ربّه الكبير المتعالي لا يتم له ذلك إلا إذا كان متخلّقًا بجميل الخلال وحميد الصفات، ومن ثم قال: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) أي: عظم ربك ومالك أمورِك بعبادته والرغبة إليه دون غيره من الآلهة والأنداد. ونحو الآية قوله: {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}.

٤ - {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} مما ليس بطاهر بحفظها وصيانتها من النجاسات وغسلها بالماء الطاهر بعد تلطّخها، فإنه قبيح بالمؤمن الطيّب أن يحمل خبيثًا سواء كان في حال الصلاة أو في غيرها، وبتقصيرها أيضًا فإنّ طولها يؤدي إلى جرّ الذيول على


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.