للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إن بيننا وبينك قرابة، فأسر إلينا متى الساعة، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وأخرج (١) ابن جرير وغيره عن ابن عباس قال: قال جبل بن أبي قشير وسموأل بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلّم - وهما من اليهود -: يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول، فإنا نعلم ما هي؟ فأنزل الله عز وجل: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ} يعني عن خبر الساعة.

التفسير وأوجه القراءة

١٧٥ - {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: واقرأ وقص يا محمد على هؤلاء اليهود النبأ العجيب {نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا}؛ أي: خبر الشخص الذي أعطيناه حجج توحيدنا، وأفهمناه دلائل قدرتنا، حتى صار عالما بها، وكان يعلم علوم الكتب المتقدمة، والتصرف بالاسم الأعظم، وهو أحد علماء بني إسرائيل على ما قيل، فكان يدعو به حيث شاء، فيجاب بعين ما طلب في الحال {فَانْسَلَخَ} وانسل وخرج {مِنْها}؛ أي: من آياتنا، وتركها وراءه ظهريا، ولم يلتفت إليها ليهتدي بها؛ أي: انسلخ منها كما تنسلخ الحية من جلدها، بأن كفر بها، وأعرض عنها، وفي التعبير بالانسلاخ إيماء إلى أنّه كان متمكنا منها، ظاهرا لا باطنا {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ}؛ أي: وبعد أن انسلخ منها باختياره أتبعه الشيطان ولحقه وأدركه واستحوذ عليه، وتمكن من الوسوسة إذ لم يبق لديه من نور البصيرة، ولا أمارات الهداية ما يحول بينه وبين قبول وسوسته، وسلوك فهمه.

وقرأ طلحة بخلاف، والحسن فيما روى عنه هارون: {فاتبعه} مشددا بمعنى تبعه، {فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ} أي فصار من الضالين المضلين المفسدين في الأرض، قال ابن عباس: هو بلعم بن باعوراء، كان عنده اسم الله الأعظم، وقال (٢) ابن مسعود: هو رجل من بني إسرائيل، بعثه موسى إلى ملك مدين داعيا إلى الله، فرشاه الملك، وأعطاه الملك على أنّ يترك دين موسى، ويتابع الملك على دينه، ففعل وأضل الناس بذلك.


(١) لباب النقول.
(٢) التسهيل.