للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سورة الفاتحة]

[نزولها]

سورة الفاتحة مكية، نزلت بعد المدّثّر، وهو قول أكثر العلماء، وقيل: نزلت بالمدينة، وهو قول مجاهد، وقيل: نزلت مرّتين: مرّة بمكة، ومرّة بالمدينة. وسبب تكرار نزولها؛ الدلالة على شرفها وفضلها. وقيل: نزل نصفها بمكة ونصفها بالمدينة، حكاه أبو الليث السمرقندي في تفسيره، والقول (١) الأول أصحّ؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، وهذه الآية في سورة الحجر و (الحجر) مكية بالإجماع، ولا خلاف أنّ فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنّه كان في الإسلام قطّ صلاة بغير {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} يدلّ على هذا قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب».

وهي سبع آيات، وسبع وعشرون كلمة، ومائة وأربعون حرفا. وقال القرطبي: أجمعت الأمّة على أنّ فاتحة الكتاب سبع آيات، إلّا ما روي عن حسين الجعفي: أنّها ستّ آيات، وهذا شاذّ، وإلّا ما روى عن عمرو بن عبيد:

أنّه جعل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} آية، وهي على هذا ثمان آيات، وهذا شاذ أيضا، ويردّ هذين القولين قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي}، وقوله صلّى الله عليه وسلّم فيما يحكيه عن ربّه: «قسمت الصلاة».

وأجمعت الأمة أيضا على أنّها من القرآن، فإن قيل: لو كانت من القرآن لأثبتها ابن مسعود في مصحفه، ولمّا لم يثبتها دلّ على أنّها ليست من القرآن كالمعوذتين عنده. فالجواب: ما ذكره أبو بكر الأنباري قال: حدثنا الحسن بن الحباب بسنده، عن إبراهيم قال: قيل لعبد الله بن مسعود: لم لم تكتب فاتحة الكتاب في مصحفك؟ قال: لو كتبتها لكتبتها مع كلّ سورة. قال أبو بكر: يعني:


(١) القرطبي.