للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى (١): أي ولقد علمنا من مضى منكم، وأحصيناهم وما كانوا يعلمون، ومن هو حي، ومن سيأتي بعدكم، فلا تخفى علينا أحوالكم، ولا أكمالكم، فليس بالعسير علينا جمعكم يوم التناد للحساب والجزاء، يوم ينفخ في الصور.

٢٥ - {وَإِنَّ رَبَّكَ} يا محمد {هُوَ} سبحانه وتعالى لا غيره {يَحْشُرُهُمْ}؛ أي: يحشر الخلائق في عرصات القيامة، فيجمع الأولين والآخرين عنده يوم القيامة، من أطاعه منهم ومن عصاه، ويجازي كلًّا بما عمل، بحسب ما وضع من السنن وقدَّر من ارتباط المسببات بأسبابها، وجعل لكل عمل جزاءً له، فهو المتولي لذلك القادر عليه لا غيره، كما يفيده ضمير الفصل من الحصر، وقرأ (٢) الأعمش: {يَحْشِرهم} بكسر الشين. ثم أكد هذا وزاده إيضاحًا فقال: {إِنَّهُ} سبحانه وتعالى {حَكِيمٌ}؛ أي: (٣) بالغ الحكمة، متقن في أفعاله، فإنها عبارة عن العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، والإتيان بالأفعال على ما ينبغي، وهي صفة من صفاته تعالى، لا من صفات المخلوقين.

وما يسميه الفلاسفة الحكمة هي المعقولات، وهي من نتائج العقل، والعقل من صفات المخلوقين، فكما لا يجوز أن يقال لله العاقل، لا يجوز للمخلوق الحكيم، إلا بالمجاز لمن آتاه الحكمة، كما في "التأويلات النجمية". {عَلِيمٌ} واسع العلم، وسع علمه كل شيء، ولعل تقديم صفة الحكمة للإيذان باقتضائها للحشر والجزاء (٤) فهو تعالى يفعل ما يشاء على مقتضى الحكمة والعدل، وما يؤيده من سعة العلم والفضل.

الإعراب

{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١)}.

{الر}: خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هذه السورة {الر}؛ أي: مسماة


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.
(٤) المراغي.