للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يتعلق بزوجاته - صلى الله عليه وسلم -.

٥٥ - وروي: أنه لما نزلت آية الحجاب .. قال الآباء والأبناء والأقارب: يا رسول الله، أو نكلمهنَّ أيضًا - أي: كالأباعد - من وراء حجاب، فنزلت {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ}، ورخص الدخول على نساء ذوات محارم بغير حجاب؛ أي: لا ذنب ولا إثم على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - {فِي} دخول {آبَائِهِنَّ} عليهن، ونظرهم وكلامهم ورؤيتهم إياهن بلا حجاب، سواء كان الأب أبًا من النسب، أم من الرضاع. {وَلَا} في دخول {أَبْنَائِهِنَّ} عليهن، ونظرهم وكلامهِم بلا حجاب، سواء كان الابن من النسب، أو من الرضاع. {وَلَا} في {إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ}؛ أي: لا إثم عليهن في ترك الحجاب عن هؤلاء الأصناف من الأقارب، فهؤلاء لا يجب على نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا على غيرهن من النساء الاحتجاب منهم، فهؤلاء ينظرون إلى الوجه والرأس والساقين والعضدين، ولا ينظرون إلى ظهرها، وبطنها، وفخذها، وأبيح النظر لهؤلاء لكثرة مداخلتهم عليهن، واحتياجهن إلى مداخلتهم، وإنما لم يذكر العم والخال؛ لأنهما بمنزلة الوالدين، ولذلك سمي العم أبًا في قوله تعالى: {وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ}، أو لأنه يكره ترك الاحتجاب منهما مخافة أن يصفاهن لأبنائهما، وأبناؤهما غير محارم؛ لجواز النكاح بينهم، فكره لهما الرؤية. وهذا ضعيف جدًا (١)، فإن تجويز وصف المرأة لمن تحل له ممكن من غيرهما ممن يجوز النظر إليهما، لا سيما أبناء الإخوة، وأبناء الأخوات، واللازم باطل، فالملزوم مثله.

وهكذا يستلزم أن لا يجوز للنساء الأجنبيات أن ينظرن إليها؛ لأنهن يصفنها لأزواجهن، واللازم باطل، فالملزوم مثله. وهكذا لا وجه لما قاله الشعبي وعكرمة: من أنه يكره للمرأة أن تضع خمارها عند عمها أو خالها، والأولى أن يقال: إنه سبحانه اقتصر هاهنا على بعض ما ذكره من المحارم في سورة النور اكتفاءً بما تقدم، والمضاف إليه في قوله: {وَلَا} جناح عليهن في عدم الاحتجاب عن {نِسَائِهِنَّ} واقع على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أي (٢): ولا جناح على زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدم الاحتجاب عن نسائهن؛ أي: عن النساء المسلمات، وإضافتهن لهن من


(١) الشوكاني.
(٢) الفتوحات.