١٩ - وقوله:{أن الدين الإِسلام} بمعنى شهد الله أنه كذا، وأن الدين الإِسلام. قال ابن كيسان: أن الثانية بدل من الأولى، وهذه رواية شاذة عن الكسائي رحمه الله تعالى.
وخلاصة معنى هذه الجملة (١): أن جميع الملل والشرائع التي جاءت بها الأنبياء والرسل روحها الإِسلام، والانقياد والخضوع. وإن اختلفت في بعض التكاليف وصور الأعمال، وبه كان الأنبياء يوصون، فالمسلم الحقيقي مَنْ كان خالصًا من شوائب الشرك مخلصًا في أعماله مع الإيمان من أي ملة كان، وفي أي زمان وجد، وهذا هو المراد بقوله جلَّ ذكره:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}.
وذلك أن الله شرع الدين لأمرين:
أحدهما: تصفية الأرواح وتخليص العقول من شوائب الاعتقاد بسلطة غيبية للمخلوقات، بها تستطيع التصرف في الكائنات؛ لتسلم من الخضوع والعبودية لمن هم من أمثالها.
وثانيهما: إصلاح القلوب بحسن العمل وإخلاص النية لله.
وأما العبادات فإنما شرعت لتربية هذا الروح الخلقي؛ ليسهل على صاحبه القيام بسائر التكاليف الدينية.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: الإِسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء من عند الله وهو: دين الله تعالى الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياءَه، لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به.
وخطب علي رضي الله عنه قال: الإِسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل، ثم قال: إن المؤمن أخذ دينه عن ربه، ولم يأخذه عن رأيه، إن المؤمن