للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرجل، واحتقاره أو إذا خافا أن لا يقيما حدود الله، وفيما عدا ذلك يجبُ عليه إذا أراد فراقُها أن يعطَيها جميعَ حقوقها،

٢٠ - وهذا ما أشار إليه بقوله سبحانه: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ} وقصدتم أيُّها الأزواجُ {اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ}؛ أي: تزوجَ زوجة جديدة ترغبون فيها، وأخذَها {مَكَانَ زَوْجٍ}؛ أي: بدلَ زوجة قديمة كرهتموها، وأردتم تطليقَها لعدم طاقتكم الصبرَ على معاشرتها، وهي لم تأت بفاحشة مبينة، {و} قد {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ}؛ أي: إحدى الزوجات؛ أي: والحال أنكم قد أعطيتم تلك القديمةَ التي تريدون تطليقَا {قِنْطَارًا}؛ أي: مالًا كثيرًا من الصداق {فَلَا تَأخُذُوا مِنْهُ}؛ أي: من ذلك القنطار {شَيْئًا}؛ أي: يسيرًا، ولا كثيرًا، وقرأ أبو السمال (١) وأبو جعفر {شَيْئًا} بفتح الياء وتنوينها حذف الهمزة وألقى حركتها على الياء والمعنى (٢): وإذا رغبتم أيها الأزواج في استبدال زوجٍ جديدةٍ مكانَ زوج سابقةٍ كرهتموهَا لِعَدَمِ طاقَتِكم الصبرَ على معاشِّرتِها، وهي لم تأت بفاحشة مبينة، وقد آتيتموها المالَ الكثيرَ مقبوضًا، أو ملتزمًا دفعه إليها، فصار دينًا في ذمتكم؛ فلا تأخذوا منه شيئًا، بل عليكم أن تدفعوه لها؛ لأنكم إنما استبدلتم غيرهَا بها لأغراضكم ومصالحكم بدون ذَنْب، ولا جَرِيرة تُبيح أَخْذَ شيء منها، فبأي حق تستحلون ذلك، وهي لم تَطْلُب فِراقَكَم، ولم تُسيء العشرةَ إليكم، فتحملَكم على طلاَقِها.

وإرادةُ الاستبدال ليسَتْ شرطًا في عدم حل أخذ شيءٍ من مالها، إذا هو كره عشرتها، وأراد الطلاقَ لكنه ذكر لأنه هو الغالب في مثل هذا الحال، ألا ترى: أنه لو طلقها، وهو لا يريد تزوَّجَ غيرها، بأن أراد الوَحْدةَ وعدمَ التقيد بالنساء، ومؤنتهن، فإنه لا يحل له شيء من مالها.

ثم أنكر عليهم هذا الفعلَ، ووبخهم عليه أشد التوبيخ فقال: {أَتَأخُذُونَهُ} استفهام إنكاري فيه معنى التوبيخ؛ أي: هل تأخذون ذلك القنطار منها


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.