والمغفرة، وقرأ الحسن شذوذًا {والمغفرةُ بإذنه} بالرفع؛ أي: والمغفرة حاصلة بتيسيره تعالى {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ}؛ أي: يوضح أدلته وحجته في أوامره ونواهيه وأحكامه في التزوج والتزويج للناس {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} ويتعظون؛ أي: لكي يتذكروا، فيميزوا بين الخير والشر، والخبيث والطيب؛ فيعرفوا قبح المنهي عنه، وحسن المدعو إليه.
٢٢٢ - {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}؛ أي: يسألك أصحابك يا محمَّد عن إتيان النساء في حالة الحيض، أيحل ذلك أم يحرم؟ وتقدم لك أن السائل عن ذلك عباد بن بشر وأسيد بن الحضير؛ لأن أهل الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يجالسوها على فرش، ولم يساكنوها في البيت كفعل اليهود والمجوس، وأما النصارى؛ فكانوا يجامعوهن ولا يبالون بالحيض.
ولعله سبحانه وتعالى (١) إنما ذكر {يَسْأَلُونَكَ} بغير {واو} ثلاث مرات. {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}، {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ}، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ}، وثلاث مرات بـ {واو}{وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى}، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} إشارة إلى أن الأسئلة الثلاثة الأولى كانت في أوقات متفرقة، والثلاثة الأخيرة كانت في وقت واحد مع السؤال عن الخمر والميسر، فجاء بحرف الجمع لذلك، كأنه قال: جمعوا لك بين السؤال عن الخمر والميسر، والسؤال عن كذا وكذا وكذا، والله أعلم. {قُل} لهم يا محمَّد في الجواب {هُوَ}؛ أي: الحيض {أَذًى}؛ أي: شيء مستقذر مؤذ مَنْ يقربه للرائحة الكريهة التي فيه، واللون الفاسد، وللحدة القوية التي فيه {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ}؛ أي: فاجتنبوا معاشرة النساء ومجامعتهن {فِي الْمَحِيضِ}؛ أي: في حالة الحيض وزمانه ومكانه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن، ولم يأمركم بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم"، وهو الاقتصاد بين إفراط اليهود وتفريط النصارى، فإنهم كانوا يجامعوهن ولا يبالون بالحيض، وإنما وصفه