أي: ألم تنظر يا محمَّد - أو أيها المخاطب - متعجبًا إلى حال هؤلاء اليهود، الذين أعطوا حظًّا قليلًا من علم "التوراة"، يؤمنون ويسجدون للجبت، والأصنام والطاغوت والشيطان، الجبت: اسم للأصنام، والطاغوت: شياطين الأصنام، ولكل صنم شيطان يعبر فيها ويكلم الناس، فيغترُّون بذلك، وقيل الجبت: الكاهن، والطاغوت: الساحر، وقيل غير ذلك.
والخلاصة: ألم تنظر إلى حال هؤلاء الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب، كيف حرموا هدايته، وهداية العقل والفطرة، وآمنوا بالدجل والخرافات، وصدقوا بالأصنام والأوثان، ونصروا أهلها من المشركين على المؤمنين المصدقين بنبوة أنبيائهم، والمعترفين بحقية كتبهم، {وَيَقُولُونَ}؛ أي: يقول هؤلاء الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب؛ أي: اليهود، {لِلَّذِينَ كَفَرُوا} بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: في حق الذين كفروا وشأنهم، يعني كفار مكة {هَؤُلَاءِ}؛ أي: كفار مكة أبو سفيان وأصحابه؛ أي: أنتم يا هؤلاء {أَهْدَى}؛ أي: أصوب دينًا وأقوم طريقًا {مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: أنتم أهدى من محمَّد وأصحابه، وذكرهم بلفظ الإيمان ليس من قبل القائلين بل من جهة الله تعالى، تعريفًا لهم بالوصف الجميل، وتخطئة لمن رجح عليهم المتصفين بأقبح القبائح.
أي: يقولون: إن المشركين أرشد طريقة في الدين من المؤمنين، الذين اتبعوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -،
٥٢ - ثم بين عاقبة أمرهم وشديد نكالهم، فقال:{أُولَئِكَ} القائلون: إن عبادة الأوثان أفضل من عبادة الله تعالى، هم {الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} تعالى؛ أي: طردهم الله تعالى، وأبعدهم عن رحمته، {وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ} سبحانه وتعالى؛ أي: ومن يطرده الله تعالى، ويبعده عن رحمته، {فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}؛ أي: لن تجد له أيها المخاطب ناصرًا ينصره ويدفع عنه العذاب في الدنيا والآخرة، فهو تأكيد لما قبله.
والخلاصة: أولئك القائلون هم (١) الذين اقتضت سنن الله في خلقه أن