للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ووسوستك، وفي الآية إيماءٌ إلى أنّ الإنسان لا يمكنه أن يحترز (١) بنفسه عن مواقع الضلال؛ لأنه لو كان الإقدام على الحق والإحجام عن الباطل إنما يحصل للإنسان من نفسه .. لوجب أن يقال: وكفى بالإنسان نفسه في الاحتراز عن الشيطان، فلما لم يقل ذلك، بل قال: وكفى بربك وكيلًا .. علمنا أنّ الكلّ من الله تعالى، ولهذا قال المحققون: لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوّة على طاعة الله إلّا بقوته. اه كرخي.

٦٦ - وقوله: {رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ} تعليل (٢) لكفايته، وبيانٌ لقدرته على عصمة من توكل عليه في أموره، وهذا شروع في تذكير بعض النعم عليهم، حملًا لهم على الإيمان. اه شيخنا {رَبُّكُمُ} مبتدأ خبره {الَّذِي}؛ أي: مالككم هو القادر الحكيم الذي {يُزْجِي} ويجري ويسوق بقدرته الكاملة {لَكُمُ}؛ أي: لمنافعكم {الْفُلْكَ}؛ أي: السفن فِي الْبَحْرِ قال في «القاموس»: البحر الماء الكثير، {لِتَبْتَغُوا}؛ أي: لتطلبوا {مِنْ فَضْلِهِ}؛ أي: من رزق هو فضل من قبله؛ أي: لتبتغوا الرّبح وأنواع الأمتعة التي لا تكون عندكم. اهـ بيضاوي. و {مِنْ} زائدة في المفعول {إِنَّهُ كانَ} أزلا وأبدا {بِكُمْ رَحِيمًا} حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه، وسهل عليكم ما يعسر من أسبابه، فالمراد: الرّحمة الدنيوية، والنعمة العاجلة المنقسمة إلى الجليلة والحقيرة.

والمعنى: أي إنّ ربكم أيها القوم، هو القادر الحكيم، الذي يجري لنفعكم السفن في البحر بالريح اللينة، أو بالآلات البخارية، أو الكهربائية لتسهيل نقل أقواتكم، وحجاجكم من إقليم إلى آخر من أقصى المعمورة إلى أدناها، والعكس بالعكس، ونقل أشخاصكم من قطر إلى قطر، ابتغاء للرزق أو للسياحة، ورؤية مظاهر الكون على اختلاف الأصقاع، مما يرشد على باهر القدرة، ووافر النعمة عليكم، إنه كان بكم رحيمًا، إذ سهل ما فيه الفوائد المرجوّة لكم في هذه الحياة،

٦٧ - ثم خاطب الكفار، بقوله: {وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ}؛ أي: الشدّة، وخوف


(١) الفتوحات.
(٢) زاده.