ولا على أحد شيئًا، فأنزل الله:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...} الآية.
ورُوي: أن كعبًا وأصحابه وفنحاص قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كنتَ رسولًا من عند الله .. فأتنا بكتاب من السماء جملة، كما جاء موسى بالألواح.
التفسير أوجه القراءة
١٤٨ - {لَا يُحِبُّ اللَّهُ} سبحانه وتعالى، ولا يرضى من أحد {الْجَهْرَ} والإظهار أو الإسرار {بِالسُّوءِ} والقبيح حالة كونه كائنًا {مِنَ اَلقَوْلِ} أو الفعل، والجهر ليس بقيد، وكذا القول ليس بقيد. ومعنى حب الله لشيء: هو الرضا به والإثابة عليه، والجهر يقابل السر والإخفاء. والسوء من القول: هو ما يسوء من يقال فيه، كذكر عيوبه ومساويه التي تؤذي كرامته؛ أي: لا يحبُّ الله رفع الصوت بالسوء؛ أي: بأحوال الناس المكتومة؛ كغيبة ونميمة، فإن العاقل من اشتغل بعيوبه.
والمعنى: أنه تعالى لا يحبّ من عباده أن يجهروا فيما بينهم بذكر العيوب والسيئات؛ لما في ذلك من المفاسد الكثيرة التي من أهمها:
١ - أنه مجلبة للعداوة والبغضاء بين من يجهر بالسوء ومن ينسب إليه هذا السوء، وقد يصل الأمر إلى هضم الحقوق وسفك الدماء.
٢ - وأنه يؤثر في نفوس السَّامعين تأثيرًا ضارًّا بهم، فقد جرت العادة بأن الناس يقتدي بعضهم ببعض، فمن رأى إنسانًا يسب آخر لضغائن بينه وبينه أو لكراهته إياه .. قلده في ذلك ولا سيما إذا كان من الأحداث الذين يغلب عليهم التقليد، أو من طبقة دون طبقته؛ إذ عامة الناس يقلدون خواصهم، فإذا ظهرت المنكرات في الخاصّة لا تلبث أن تصل إلى العامّة وتفشو بينهم، ومن تميل نفسه إلى منكر أو فاحشة .. يجترىء على ارتكابهما إذا علم أن له سلفًا وقدوةً فيهما، فسماع السّوء كعمل السوء، فذاك يؤثر في نفس السامع، وهذا يؤثر في نفس الرائي والناظر، وأقل هذه الأضرار: أنه يضعف في النفس استقباحه واستبشاعه، خصوصًا إذا تكرر السماع أو النظر. وكثير من الناس يجهل مبلغ تأثير الكلام في القلوب، فلا ينزهون ألسنتهم عن السوء من القول ولا أسماعهم عن الإصغاء إليه.