للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكتاب، كعبد الله بن سلام وغيره من علمائهم.

والعبرة للمسلم من هذه الآية: أن يعلم أنه لا يكون شيء يعتد به من أمر الدين حتى يقيم القرآن، وما أنزل إليه من ربه فيه، ويهتدي بهديه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فحجة الله على عباده واحدة، فإذا كان الله لا يقبل من أهل الكتاب قبلنا ما ورثوه من تلك التقاليد التي صدتهم عما عندهم من وحي الله تعالى .. فإنَّه لا يقبل منا مثل ذلك مع حفظنا لكتابنا حتى نقيم حدوده، بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والناس عن مثل هذا غافلون، وإلى حكمة الدين ومقاصده لا ينظرون، ويحسبون أنهم على شيء {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.

٦٩ - وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} إلخ. جملة مستأنفة لترغيب من عداهم من المؤمنين المخلصين، والمراد (١) بالمؤمنين هنا: الذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون، أو ما يعم المخلصين وغيرهم من المنافقين {وَالَّذِينَ هَادُوا}؛ أي: دخلوا في دين اليهود {وَالصَّابِئُونَ} مبتدأ، والنصارى معطوف عليه، والخبر محذوف تقديره: كائنان كذلك، وقال الخليل وسيبويه: الرفع محمول على التقديم والتأخير، والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحًا، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون والنصارى كذلك وقرأ (٢) عثمان وأبي وعائشة وابن جبير الجحدري (والصابئين) بالنصب، وبها قرأ ابن كثير. وقرأ الحسن والزهري: (والصابيون) بكسر الباء وضم الياء، وهو من تخفيف الهمزة كقراءة (يستهزيون) وقرىء: (والصابُون). بإبدال الهمزة ألفًا وحذفها وقرأ القراء السبعة {وَالصَّابِئُونَ} بالرفع، وعليه مصاحف الأمصار والجمهور {مَنْ آمَنَ} من هؤلاء المذكورين {بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ} عملًا {صَالِحًا}؛ أي: خالصًا فيما بينه وبين ربه {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} من أهوال يوم القيامة {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} على ما خلفوا من ورائهم من لذات الدنيا وعيشها.

والخلاصة: أن الذين صدقوا الله ورسوله، والذين دخلوا اليهودية،


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.