للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجوه العصاة، إن قلنا: إنها للعهد كقوله تعالى: {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وعبر عن المكلفين بالوجوه لأن الخضوع فيها يتبين، كما في "الكبير"؛ أي (١): ذلت الوجوه يوم الحشر وخضعت {لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} خضوع العناة؛ أي: الأسارى في يد ملك قهار، وفي "التأويلات النجمية" خضعت وتذللت وجوه المكونات لمكونها الحي الذي به حياة كل حي، القيوم الذي به قيام كل شيء، احتياجًا واضطرارًا واستسلامًا، يقال: عني يعنو عنوًا: إذا خضع، ومنه قيل للأسير: عانٍ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت.

مَلِيْكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ ... لِعِزَّتِهِ تَعْنُوْ الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ

ثم قسم الوجوه إلى قسمين بقوله: {وَقَدْ خَابَ ...} إلخ. وقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ ...} إلخ، أي: وقد خاب وخسر وهلك هلاكًا أبديًا يوم الحشر {من حمل} وارتكب في الدنيا {ظُلْمًا}؛ أي: شركًا وكفرًا بالله وبرسوله، ومات على ذلك ولم يتب منه، قال الراغب: الخيبة: فوت المطلب.

والمعنى؛ أي (٢) وقد حرم الثواب من وافى الموقف وهو مشرك بالله، كافر بأنبيائه، أو تارك لأوامره، منغمس في معاصيه.

١١٢ - {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ}؛ أي (٣): بعض الصالحات لـ {من} مفعول {يَعْمَلْ} باعتبار مضمونه {وَهُوَ مُؤْمِنٌ}؛ أي: والحال أنه مؤمن بالله ورسوله، وبجميع ما جاء به؛ لأن الإيمان شرط في صحة الطاعات، وقبول الحسنات {فَلَا يَخَافُ} من الله {ظُلْمًا} بزيادةٍ في سيئاته، أو بمنع ثواب مستحق بموجب الوعد {وَلَا هَضْمًا} بنقص من حسناته، أو ولا كسرًا منه بنقص، قيل: الظلم (٤) والهضم متقاربان، وفرق القاضي الماوردي بينهما فقال: الظلم: منع جميع الحق، والهضم: منع بعضه.

والمعنى: أي (٥) ومن يعمل صالح العمل على قدر طاقته، وهو مؤمن بربه


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.
(٤) الفتوحات.
(٥) المراغي.