حرم الله عليكم من إتيان الرجال، {إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} ما أمركم به، منتهين إلى أمري، وقد سمى نساء قومه بناته، لأن رسول الأمة كالأب من حيث الشفقة والتربية، رجالهم بنوه، ونسائهم بناته، كما قال الله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، وقوله:{إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} شك في قبولهم لقوله، كأنه قال: إن فعلتم ما أقول لكم، وما أظنكم تفعلون، ذكره في "البحر". أو (١) أراد بناته الصلبية؛ أي: فتزوجوهن ولا تتعرضوا للأضياف، وقد كانوا من قبل يطلبونهن ولا يجيبهم، لخبثهم وعدم كفاءتهم لهن، لا لعدم مشروعية المناكحة بين المسلمات والكفار، فإن نكاح المؤمنات من الكفار كان جائزًا، فأراد أن يقي أضيافه ببناته كرمًا وحميةً؛ أي: فتزوجوا بناتي، وقيل كان لهم سيدان مطاعان، فأراد إن يزوجهما ابنتيه إيْثا وزعورا، {إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} قضاء الشهوة فيما أحل الله دون ما حرم، فإن الله تعالى خلق النساء للرجال، لا الرجال للرجال.
وفي الآيات فوائد:
الأولى: أن إكرام الضيف ورعاية الغرباء من أخلاق الأنبياء، وهو من أسباب الذكر الجميل، وفي الحديث:"من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، وقرى الضيف .. دخل الجنة" كما في "الترغيب".
والثانية: أنه لا بد لكل مؤمن متق أن يسد باب الشر بكل ما أمكن له من الوجوه، ألا ترى أن لوطًا عليه السلام لما لم يجد مجالًا لدفع الخبيثين .. عرض عليهم بناته بطريق النكاح، وإن كانوا غير أكفاء دفعًا للفساد.
والثالثة: أن محل التمتع هي النساء لا الرجال، كما قالوا: ضرر النظر في الأمرد أشد، لامتناع الوصول إليه في الشرع، لأنه لا يحل الاستمتاع بالأمرد أبدًا.
٧٢ - {لَعَمْرُكَ}؛ أي: لحياتك يا محمد قسمي؛ أي: أقسمت لك بحياتك {إِنَّهُمْ}؛ أي: إن قوم لوط {لَفِي سَكْرَتِهِمْ}؛ أي: لدائمون في سكرتهم وغوايتهم،