للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حصونهم وصياصيهم، وإما القهر والإيجاف عليهم بالخيل والركاب، كبني قريظة، وإما بإلقاء الرعب في قلوبهم حتى يعطوا بأيديهم، كبني النضير وإما ضرب الجزية على اليهود والنصارى فينقطع أمل المنافقين، ويندمون على ما كان من إسرارهم بالولاء لهم.

وقرأ ابن الزبير {فنصبح الفساق} جعل الفساق مكان الضمير، قال ابن عطية: وخص الإصباح بالذكر لأن الإنسان في ليله مفكر، فعند الصباح يرى الحالة التي اقتضاها فكره. انتهى.

٥٣ - {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: يقول بعض المؤمنين لبعض في الوقت الذي أظهر الله تعالى نفاق المنافقين متعجبين من حال المنافقين {أهَؤُلَاءِ} المنافقون الذين فضحهم الله تعالى الآن هم {الَّذِينَ أَقْسَمُوا} وحلفوا لنا {بِاللَّهِ} تعالى {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} وأغلظها وأشدها وأوكدها بتعداد أسماء الله تعالى فيها، وجمع صفاته فيها قائلين {إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ}؛ أي: نحن معكم يا معشر المؤمنين في الدين والمناصرة، ونحن معاضدوكم وناصروكم على أعدائكم اليهود، فلما حل بهم ما حل .. أظهروا ما كانوا يسرونه من موالاتهم وممالأتهم على المؤمنين كما قال في سورة التوبة: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (٥٦) أي: فهم لفرقهم وخوفهم يظهرون الإِسلام تقية، والاستفهام هنا للتعجب.

وذلك أنَّ (١) المؤمنين كانوا يتعجبون من حال المنافقين عندما أظهروا الميل إلى موالاة اليهود والنصارى، ويقولون إنَّ المنافقين حلفوا باللهِ جهد أيمانهم إنهم لمعنا ومن أنصارنا، والآن كيف صاروا موالين لأعدائنا من اليهود محبين للاختلاط بهم، فبان كذب المنافقين في أيمانهم الباطلة.

قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف (٢): {ويقول الذين أمنوا} بالرفع مع إثبات الواو كما في مصاحف أهل العراق على الاستئناف. وقرأ نافع وابن كثير


(١) الخازن.
(٢) المراح.