لأمر خارجي؛ وهو القرينة في السورتين المذكورتين، لا أنها اقتضت ذلك بوضعها. اه «سمين».
والمعنى (١): أي وما كان جواب قومه عن هذا الإنكار وتلك النصيحة شيئا من الحجج المقنعة، أو الأعذار المسكنة لثورة الغصب، بل كان جوابهم الأمر بإخراجه هو ومن آمن معه من قريتهم، وما حجتهم على تبرير ما عزموا عليه إلا أن قالوا: إن هؤلاء أناس يتطهرون، ويتنزهون عن مشاركتهم في فسوقهم ورجسهم، فلا سبيل إلى معاشرتهم ولا مساكنتهم لما بينهم من الفوارق في الصفات والأخلاق. والظاهر أن قوله:{إِنَّهُمْ} تعليل للإخراج؛ أي: لأنهم لا يوافقوننا على ما نحن عليه، ومن لا يوافقنا .. وجب أن نخرجه. ذكره أبو حيان.
وهذا الجواب منهم يدل على منتهى السخرية والتهكم والافتخار بما كانوا فيه من القذارة كما يقول الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظوهم: أبعدوا عنا هذا المتقشف، وأريحونا من هذا المتزهد. وقد بلغ من قحتهم وفجورهم أن يفعلوا الفاحشة ويفخروا بها، ويحتقروا من يتنزه عنها، وهذا أسفل الدركات، ولا يهبط إليه إلا من لا يؤمن بالله واليوم الآخر.
٨٣ - {فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ}؛ أي: فأنجينا لوطا وأهله؛ وهم بنتاه من العذاب الذي حل بقومه {إِلَّا امْرَأَتَهُ}؛ أي: زوجته الكافرة - واسمها واهلة -؛ لأنها {كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ}؛ أي: من الباقين في ديارهم، فهلكت في العذاب مع الهالكين فيها؛ لأنها تسر الكفر موالية لأهل سذوم، وقال:{مِنَ الْغابِرِينَ} تغليبا للذكور. وأما لوط فخرج مع بنتيه من أرضهم، وطوى الله له الأرض في وقته حتى نجا، ووصل إلى إبراهيم، وهو في فلسطين؛ أي: فأنجيناه وأهل بيته الذين آمنوا معه إلا امرأته، فإنها لم تؤمن به، بل خانته بولاية قومه الكافرين، فكانت من جماعة الهالكين، أو الباقين الذين نزل بهم العذاب في الدنيا، وبعده عذاب الآخرة.