للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مما قلتم، فزجرهم عمر، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهو يوم الجمعة، ولكن إذا صليت الجمعة .. دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأستفتيه فيما اختلفتم فيه، فدخل بعد الصلاة، فاستفتاه، فأنزل الله عز وجل: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية إلى قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

وأخرج (١) الفريابي عن ابن سيرين قال: قدم عليُّ بن أبي طالب مكة، فقال للعباس: أي عم، ألا تهاجر، ألا تلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أعمر المسجد وأحجب البيت، فأنزل الله {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ} الآية وقال لقوم سماهم: ألا تهاجروا ألا تلحقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: نقيم مع إخواننا وعشائرنا ومساكننا، فأنزل الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ ...} الآية كلها، وأخرج عبد الرزاق، عن الشعبي نحوه، وأخرج ابن جرير عن محمَّد بن كعب القرظي، قال: افتخر طلحة بن شيبة والعباس وعليُّ بن أبي طالب، فقال طلحة: أنا صاحب البيت معي مفتاحه، وقال العباس: أنا صاحب السقاية والقائم عليها، فقال عليُّ: لقد صليت إلى القبلة قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فأنزل الله {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ...} الآية كلها.

التفسير وأوجه القراءة

١٣ - {أَلَا تُقَاتِلُونَ}؛ أي: هلَّا تقاتلون أيها المؤمنون {قَوْمًا} من كفار مكة {نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ}؛ أي: نقضوا عهودهم التي عاهدوكم يوم الحديبية، حيث نقضوها بإعانتهم لبني بكر، الذين هم حلفاؤهم، بإعطاء السلاح لهم على خزاعة، الذين هم حلفاؤكم، وألا هنا: للتحضيض، كما قاله السيوطي في "تفسير الجلالين" وهو الطلب بحثٍّ وإزعاج، ودخول (٢) حرف التحضيض على مستقبلٍ حث على الفعل وطلبٌ له، وعلى الماضي توبيخٌ على ترك الفعل، وأدواته خمسةٌ: ألا بالتخفيف، وألا بالتشديد، وهلَّا، ولولا, ولوما، كما ذكرته


(١) لباب النقول.
(٢) الفتوحات القيومية على الآجرومية.