للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، يوم فتح مكة، وكان موضع الضعف، نصرة القرابة وعصبية النسب، إذ كان لا يزال الكثير منهم أولو قرابة من المشركين، يكرهون قتالهم ويتمنون إيمانهم، بل كان لبعض ضعفاء الإيمان وليجةٌ وبطانةٌ منهم.

من أجل هذا، بين الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين، أن فضل الإيمان والهجرة والجهاد، وقيل ما بشر الله به أهله من رحمته ورضوانه ودخول جناته لا يكمل إلا بترك ولاية الكافرين، وإيثار حب الله ورسوله، والجهاد في سبيله على حب الوالد والولد، والأخ والزوج والعشيرة والمال والسكن.

أسباب النزول

قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه (١) أبو الشيخ عن قتادة، قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في خزاعة، حين جعلوا يقتلون بني بكرٍ بمكة، وأخرج عن عكرمة، قال: نزلت هذه الآية في خزاعة، وأخرج عن السدي {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} قال: هم خزاعة حلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، يشف صدورهم من بني بكر.

قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ ...} الآيات، أخرج ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: قال العباس، حين أسر يوم بدر: إن كنتم سبقتمونا بالإِسلام والهجرة والجهاد .. لقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونسقي الحاج، ونفك العاني، فأنزل الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ ...} الآية.

وأخرج مسلم وابن حبان وأبو داود عن النعمان بن بشير، قال: كنت (٢) عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في نفر من أصحابه فقال رجل منهم: ما أُبالي أن لا أعمل عملًا بعد الإِسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال آخر ما أبالي أن لا أعمل عملًا بعد الإِسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل


(١) لباب النقول.
(٢) مسلم.