الوزراء وذوي المكانة فيهم. وبهذا ثبت بطلان الشرك في الألوهية، وهو عبادة غير الله تعالى مهما يكن المعبود.
{سُبْحَانَهُ}؛ أي: تنزيهًا له تعالى عن كل ما لا يليق به {وَتَعَالَى}؛ أي: ترفع وعلا {عَمَّا يُشْرِكُونَ}؛ أي: عن شركائهم، الذين يعتقدونهم شفعاءهم عند الله تعالى. والمعنى: تنزه ربنا، وعلا علوًا كبيرًا، عما يشركون به من الشفعاء. والوسطاء، وما يفترونه عليه، من أن لأحد من خلقه وساطة عنده، وشفاعة لديه تقرب إليه زلفى، ففي هذا تحقير لمقام الربوبية والألوهية، وتشبيه الرب بعبيده من الملوك الجاهلين. وفي هذا إيماء إلى أن شؤون الرب، وسائر ما في عالم الغيب لا يعلم إلا بخبر الوحي، ومن ذلك اتخاذ الشفعاء والوسطاء عنده فيكون كفرًا صراحًا.
وقرأ العربيان (١): أبو عمرو وابن عامر، والحرميان: نافع وابن كثير وعاصم: {يشركون} بالياء على الغيبة هنا، وفي حرفي النحل وحرف في الروم. وذكر أبو حاتم، أنه قرأها كذلك الحسن والأعرج، وابن القعقاع وشيبة وحميد وطلحة والأعمش، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: في النمل فقط، بالتاء على الخطاب. وعاصم وأبو عمرو بالياء على الغيبة. وقرأ حمزة والكسائي: الخمسة بالتاء على الخطاب. وأتى بالمضارع، ولم يقل عما أشركوا للدلالة على استمرار حالهم كما جاؤوا يعبدون، وأنهم على الشرك في المستقبل، كما كانوا عليه في الماضي
١٩ - {وَمَا كَانَ النَّاسُ} جميعًا {إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً} موحدة لله سبحانه وتعالى، مؤمنة به متفقة على فطرة الإِسلام والتوحيد، من غير أن يختلفوا بينهم؛ لأن التوحيد والإِسلام ملة قديمة اجتمعت عليها الناس قاطبةً فطرةً وتشريعًا وأن الشرك وفروعه جهالات ابتدعها الغواة؛ أي: إنهم كانوا في أول الخلق على الفطرة السليمة الصحيحة {فَاخْتَلَفُوا}؛ أي؛ ثم اختلفوا في الأديان، وإلى ذلك الإشارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". فبعث الله فيهم النبيين والمرسلين لهدايتهم، وإزالة الاختلاف بكتاب الله ووحيه،