والمعنى: أي لم نكن في الدنيا من المؤمنين الذين يصلّون لله؛ لأنّا لم نكن نعتقد بفرضيّتها.
٢ - ٤٤ {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)}؛ أي: ولم نكن من المحسنين إلى خلقه الفقراء بفضل أموالنا المتصدّقين عليهم بما تجود به نفوسنا، وهو على معنى استمرار نفي الإطعام لا على نفي استمرار الإطعام. والمراد أيضًا لإطعام للواجب كالزكاة والكفّارة والنذر، وإلاّ فما ليس بواجب من الصلاة والإطعام لا عذاب على تركه، وكانوا يقولون:{أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ}. فكانوا لا يرحمون المساكين بالإطعام، ولا يحضّون عليه أيضًا. ففيه (١) ذمّ للبخل، ودلالة على أنّ الكفار مخاطبون بالفروع في حق المؤاخذة في الآخرة. قال في "التوضيح": الكفار مخاطبون بالإيمان والعقوبات والمعاملات إجماعًا، أمّا العبادات فهم مخاطبون بها في حق المؤاخذة في الآخرة اتفاقًا أيضًا لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢)} الآيات، أمّا في حق وجوب الأداء فمختلف فيه. قال العراقيّون من مشايخنا: نعم، وقال مشايخ ديارنا: لا. وفي بعض التفاسير: وللحنفيّ أن يقول: هذا إنما هو تأسّف منهم على تفريطهم في كسب الخير وحرمانهم مما ناله المصلّون، والمزكّون من المؤمنين، ولا يلزم من ذلك أن يكونوا مأمورين بالعمل قبل الإيمان.
٣ - ٤٥ {وَكُنَّا نَخُوضُ} ونشرع في الباطل {مَعَ الْخَائِضِينَ}؛ أي: مع الشارعين فيه. والمراد بالباطل ذمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم وغيبتهم، وقولهم: بأنّه شاعر أو ساحر أو كاهن أو غير ذلك، والطعن في القرآن وقولهم هو سحر أو شعر أو كهانة إلى نحو أولئك من الأباطيل. والخوض في الأصل: الشروع مطلقًا في أيّ شيء كان، ثم غلب في العرف بمعنى الشروع في الباطل والقبيح وما لا ينبغي. وفي الحديث:"أكثر الناس ذنوبًا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في معصية الله".
٤ - ٤٦ {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦)}؛ أي: بيوم الجزاء. أضافوه إلى الجزاء مع أنّ فيه من الدواهي والأهوال ما لا غاية له، لأنه أدهاها وأنهم ملابسوه، وقد مضت