للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كقولهم رجل عَدْلٌ؛ أي: عادل، فمعناه من ضعيف وهو النطفة.

وقرأ الجمهور (١): بضم الضاد في {ضَعْفٍ} في المواضع الثلاثة، وقرأ عاصم وحمزة: بفتجها فيها، وهي قراءة عبد الله وأبي رجاء، وروي عن أبي عبد الرحمن الجحدري والضحاك: الضم والفتح في الثاني، وقرأ عيسى: بضمتين فيهما، والظاهر: أن الضم والفتح بمعنى واحد، قال كثير من اللغويين: الضم في البدن، والفتح في العقل.

٥٥ - {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ}؛ أي: توجد وتحصلت القيامة، سميت (٢) بها لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا، أو لأنها تقع بغتةً وبداهةً، وصارت علمًا لها بالغلبة، كالنجم للثريا، والكوكب للزهرة، وفي "فتح الرحمن": ويوم تقوم الساعة التي فيها القيامة {يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ}؛ أي: يحلف الكافرون، {مَا لَبِثُوا}؛ أي: ما أقاموا في القبور و {مَا} نافية {غَيْرَ سَاعَةٍ}؛ أي: إلا ساعة واحدة، وهي جزء من أجزاء الزمان، واستقلوا مدة لبثهم نسيانًا أو كذبًا أو تخمينًا، ويقال: ما لبثوا في الدنيا، والأول هو الأظهر؛ لأن لبثهم مغيٌّ بيوم البعث، كما سيأتي، وليس لبثهم في الدنيا كذلك.

{كَذَلِكَ}؛ أي: مثل ذلك الصرف الواقع منهم يوم القيامة {كَانُوا}؛ أي: كان المشركون في الدنيا، بإنكار البعث، والحلف على بطلانه، كما أخبر سبحانه في قوله: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} {يُؤْفَكُونَ}؛ أي: يصرفون عن الحق والصدق، فيأخذون في الباطل والإفك والكذب، يعني: كذبوا في الآخرة، كما كانوا يكذبون في الدنيا.

والمعنى (٣): أي ويوم تجيء ساعة البعث، فيبعث الله الخلق من قبورهم، يقسم المجرمون الذين كانوا يكفرون بالله في الدنيا، ويكتسبون فيها الآثام، إنهم ما أقاموا في قبورهم إلا قليلًا من الزمان، وهذا استقلال منهم لمدة لبثهم في


(١) البحر المحيط بتصرف.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.