للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المخاطب، أو على أنّها مفعول له؛ أي: فاقصص القصص راجيا لتفكرهم، أو رجاء لتفكرهم. انتهى.

والخلاصة: فاقصص (١) أيها الرسول الكريم قصص ذلك الرجل الذي تشبه حاله حال أولئك المكذبين بما جئت به من الأيات البينات رجاء أن يتفكروا فيه، فيحملهم سوء حالهم، وقبح مثلهم على إطالة التأمل والتفكر في المخلص مما هم فيه، والنظر في الآيات بعين البصيرة لا بعين الهوى والعداوة، إذ هو من القصص الذي لا يعلمه إلا من درس الكتب، إذ هو من خفي أخبارهم، ففي إخبارك بذلك أعظم معجز.

١٧٧ - {ساءَ} وقبح من جهة كونه {مَثَلًا} وصفة مثل {الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} بعد قيام الحجة عليها، وعلمهم بها وقوله: {وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ} معطوف على {كَذَّبُوا} فهو داخل مع حكم الصلة، أي: ساء مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا، وكانوا يظلمون أنفسهم بذلك التكذيب؛ أي: الذين جمعوا بين التكذيب بآيات الله، وظلم أنفسهم خاصة؛ أي: ما ظلموا بالتكذيب إلا أنفسهم لا يتعداها ظلمهم إلى غيرها ولا يتجاوزها.

والمعنى (٢): قبحت صفة أولئك القوم في الصفات، وساء مثلهم في الأمثال، بإعراضهم عن التفكر في الآيات، وبالنظر إليها نظر عداوة وبغضاء، وهم بعملهم هذا إنّما يظلمون أنفسهم وحدها بحرمانها من الاهتداء بها، وجعلها السبيل الموصلة إلى السعادة في الدنيا والآخرة، وقرأ (٣) الحسن وعيسى ابن عمر والأعمش {ساء مثل} بالرفع {القوم} بالجر، واختلف على الجحدري، فقيل: كقراءة الأعمش، وقيل بكسر الميم وسكون الثاء وضم اللام مضافا إلى القوم.

ولم يبين الكتاب الكريم اسم من ضرب به المثل ولا جنسه ولا وطنه، ولا جاء في السنة الصحيحة شيء من ذلك، فلا حاجة لنا في العظة إلى بيانه، ولرواة


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.