تعالى شبَّه المانّ والمؤذي بالمنافق والمرائي، ثم شبه المنافق والمرائي بالحجر الكبير الأملس. وقيل: الضمير في قوله: {فَمَثَلُهُ} عائد على المان والمؤذي، وأنه شبه بشيئين:
أحدهما: بالذي ينفق ماله رئاء الناس.
والثاني: بصفوان عليه تراب. والمعنى: لا يجد المانُّ والمؤذي ثواب صدقة؛ كما لا يوجد على الصفوان التراب بعد ما أصابه المطر الشديد. قال القاضي (١) عبد الجبار: ذكر تعالى لكيفية إبطال الصدقة بالمن والأذى مثلين:
فمثله أولًا: بمَنْ ينفق ماله رئاء الناس، وهو مع ذلك كافر لا يؤمن بالله واليوم الآخر؛ لأن إبطال نفقة هذا المرائي الكافر أظهر من بطلان أجر صدقة مَنْ يتبعها بالمن والأذى.
ثم مثله ثانيًا: بالصفوان الذي وقع عليه تراب وغبار، ثم إذا أصابه المطر القوي، فيزيل ذلك الغبار عنه حتى يصير كأنه ما عليه تراب ولا غبار أصلًا.
قال: فكما أن الوابل أزال التراب الذي وقع على الصفوان .. فكذا المن والأذى يجب أن يكونا مبطلين لأجر الإنفاق بعد حصوله، وذلك صريح القول في الإحباط والتكفير. انتهى.
{وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} إلى الخير والرشاد، وفي هذه الآية: تعريض بأن كلًّا من الرياء والمنّ والأذى على الإنفاق من خصائص الكفار، فلا بد للمؤمنين أن يجتنبوها.
٢٦٥ - {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}، أي: وصفة الذين يصرفون أموالهم في وجوه الخير طلب رضاء الله تعالى {وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}؛ أي: ويقينًا من قلوبهم بالثواب من الله تعالى، وتصديقًا بوعده يعلمون أن ما أنفقوا خير لهم مما تركوا. {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ}؛ أي: كمثل بستان