للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَكَمْ ضَعِيْفٍ ضَعِيفٍ فِيْ تَقَلُّبِهِ ... كَأَنَّهُ مِنْ خَلِيْجِ الْبَحْرِ يَغْتَرِفُ

هَذَا دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ الإِلهَ لَهُ ... فِيْ الْخَلْقِ سِرٌّ خَفِيٌّ لَيْسَ يَنْكَشِفُ

وحكي (١): أن بعض العلماء سئل فقيل له: ما الدليل على أن للعالم صانعًا واحدًا؟

قال: ثلاثة أشياء: ذل اللبيب، وفقر الأديب، وسقم الطبيب.

قال في "التأويلات النجمية": الإشارة فيه إلى أن لا يعلق العباد قلوبهم إلا بالله سبحانه؛ لأن ما يسوءهم ليس زواله إلا من الله، وما يسرهم ليس وجوده إلا من الله، فالبسط الذي يسرهم ويؤنسهم منه وجوده، والقبض الذي يسوءهم ويوحشهم منه حصوله، فالواجب لزوم بابه سبحانه بالإسرار، وقطع الأفكار عن الأغيار. انتهى.

إذ لا يفيد للعاجز طلب مراده من عاجز مثله، فلا بد من الطلب من القادر المطلق، الذي هو الحق سبحانه، نسأل الله سبحانه أن يوقظنا من سنة الغفلة، ولا يجعلنا من المعذبين بعذاب الجهالة، إنه الجواد الكريم، البر الرؤوف الرحيم.

٣٨ - و {الفاء}: في قوله: {فَآتِ}: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، تقديره: إذا عرفت أيها المكلف: أن البسط والقبض كليهما بيد الله سبحانه، وأردت بيان ما هو اللازم لك .. فأقول لك آت؛ أي: أعط يا من بسط الله عليه الرزق {ذَا الْقُرْبَى}؛ أي: صاحب القرابة لك {حَقَّهُ}؛ أي: ما يستحقه عليك، إما على سبيل الوجوب، أو الندب من الصلة والصدقة وسائر المبرات.

والخطاب فيه (٢) للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته أسوته، أو لكل مكلف له مال واسع، وقدم الإحسان إلى القرابة؛ لأن خير الصدقة ما كان على قريب، فهو صدقة مضاعفة، وصلة رحم مرغب فيها.


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.