للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبهذه الآية يحتج أبو حنيفة على وجوب النفقة لذوي الأرحام المحارم عند الاحتياج، ويقيسهم الشافعي على ابن العم، فلا يوجب النفقة إلا على الولد والوالدين، لوجود الولادة.

{وَ} آت {الْمِسْكِينَ} سواء كان ذا قرابة أم لا {وَابْنَ السَّبِيلِ}؛ أي: المسافر ما يستحقانه من الصدقة والإعانة والضيافة، فإن ابن السبيل هو الضيف، كما في "كشف الأسرار"، والمراد بحقه: الصدقة المندوبة، ولا يصح حملها على الواجبة، وهي الزكاة؛ لأن السورة مكية، والزكاة ما فرضت إلا في السنة الثانية من الهجرة بالمدينة. اهـ. "شيخنا".

ووجه تخصيص الأصناف الثلاثة بالذكر (١): أنهم أولى من سائر الأصناف بالإحسان، ولكون ذلك واجبًا لهم على كل من له مال فاضل عن كفايته وكفاية من يعول.

وقد اختلف في هذه الآية، هل هي محكمة أو منسوخة؟ فقيل: هي منسوخة بآية الميراث، وقيل: محكمة، وللقريب في مال قريبه الغني حق واجب، وبه قال مجاهد وقتادة، قال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاج، وقال الحسن: إن الأمر في إيتاء ذي القربى للندب، وقيل: المراد بالقربى: قرابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال القرطبي: والأول: أصح؛ لأن حقهم مبين في كتاب الله سبحانه في قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى}.

والمعنى: أي (٢) أعط أيها الرسول أنت ومن تبعك من المؤمنين الأقارب الفقراء، جزءًا من مالك، صلةً للرحم، وبرًا بهم؛ لأنهم أحق الناس بالشفقة، وكذا المسكين الذي لا مال له، إذا وقع في ورطة الحاجة .. فيجب على من عنده مقدرة دفع حاجته، وسد عوزه.

ومثله: المسافر البعيد عن ماله الذي لا يستطيع إحضار شيء منه، لانقطاع السبل به، فيجب مساعدته بما يدفع خصاصته، حتى يصل إلى مأمنه، وسرعة


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.