للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجنة النعيم. والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى. قال ابن جريج: هي أربع جنان جنتان منها للسابقين المقربين فيهما من كل فاكهة زوجان، وعينان تجريان. وجنتان لأصحاب اليمين، فيهما فاكهة، ونخل، ورمان، وفيهما عيان نضاختان. قال ابن زيد: إن الأوليين من ذهب للمقربين، والأخريين من ورق لأصحاب اليمين.

٦٣ - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٦٣)} فإنها كلها حق ونعم لا يمكن جحدها.

٦٤ - ثم وصف سبحانه هاتين الجنتين الأخريين، فقال: {مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)} صفة لجنتان، وما بينهما اعتراض؛ أي (١): سوداوان يعني: علا لونها دهمة وسواد من شدة الخضرة والري. وإن شئت .. قلت: خضراوان، تضربان إلى السواد من شدة الخضرة.

فائدة: والنظر إلى الخضرة يجلو البصر، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث يجلون البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء الجاري، وإلى الوجه الحسن". قال ابن عباس رضي الله عنهما: والإثمد عند النوم. وهو الكحل الأسود. وأجوده الأصفهاني. وهو بارد يابس ينفع العين اكتحالًا، ويقوي أعصابها، ويمنع عنها كثيرًا من الآفات والأوجاع سيما الشيوخ والعجائز، وإن جعل معه شيء من المسك .. كان غاية في النفع، وينفع من حرق النار طلاء مع الشحم، ويقطع النزف، ويمنع الرعاف إذا كان من أغشية الدماغ. وفي الحديث: "خير أكحالكم الإثمد، ينبت الشعر، ويجلو البصر". اهـ "خريدة العجائب".

وفي قوله: {مُدْهَامَّتَانِ (٦٤)} إشعار (٢) بأن الغالب على هاتين الجنتين النبات والرياحين المنبسطة على وجه الأرض، وعلى الأوليين الأشجار والفواكه. ودل هذا على فضل الأوليين على الأخريين.

والمعنى: أي ومن وراه هاتين الجنتين وأقل منهما فضلًا جنتان تنبتان الباب، والرياحين الخضراء التي تضرب إلى السواد من شدة خضرتها لكثرة الريّ. وأما الجنتان السابقتان ففيهما أشجار وفواكه. وفرق ما بين الجنتين.

٦٥ - فبأيّ هذه النعم تكذّبان، وهي نعم واضحة لا تجحد، تتمتع أبصاركم بخضرة نباتات هاتين الجنتين,


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.