للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العظيم، وقد أنذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك. قال في "بحر العلوم": {أن}، مخففة من الثقيلة؛ أي: أنه يعني: أنَّ الشأن والقصة لا تعبدوا إلا الله، أو مفسرة بمعنى أي، أي: لا تعبدوا إلا الله أو مصدرية بحذف الباء؛ أي: بأن لا تعبدوا إلا الله، وتلك الباء للتصوير والتفسير؛ أي: صورة إنذاره أن قال: لا تعبدوا إلخ. و {لا}: ناهية. وإنما كان هذا إنذارًا؛ لأنّ النهي عن الشيء إنذار. وتخويف من مضرّته. اهـ. "بيضاوي". فصح أنّ قوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا} مفسر للإنذار، ومتعلق به. اهـ "شهاب".

وقوله: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ} بسبب شرككم، وإعراضكم عن التوحيد، تعليل لقوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا}؛ أي إنما أحذركم أن لا تعبدوا إلا الله لأني أخاف عليكم بسبب شرككم {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي: هائل واليوم العظيم يوم نزول العذاب عليهم، فعظيم مجاز عن هائل؛ لأنّه يلزم العظم، ويجوز أن يكون من قبيل الإسناد إلى الزمان مجازًا، وأن يكون الجر على الجوار.

والمعنى (١): أي واذكر أيها الرسول لقومك المكذبين ما جئتهم به من الحق هودًا أخا عاد، فقد كذّبه قومه بالأحقاف حين أنذرهم بأس الله وشديد عذابه، وقد مضت رسل من قبله ومن بعده منذرة أممها أن لا تشركوا مع الله شيئًا في عبادتكم إياه، بل أخلِصوا له العبادة، وأفرِدوا له الألوهية، وقد كانوا أهل أوثان يعبدونها من دون الله، فقال لهم ناصحًا: إنّي أخاف عليكم عذاب يوم عظيم الهول {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١)} {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)

٢٢ - وحين نصحهم بذلك أجابوه و {قَالُوا} له: {أَجِئْتَنَا} يا هود بالتوحيد والإيمان، والاستفهام فيه (٢): للتقرير والتوبيخ، والتعجيز له فيما أنذره إياهم من العذاب العظيم، على ترك إفراد الله تعالى بالعبادة. ذكره في "البحر". {لِتَأْفِكَنَا}؛ أي: لتصرفنا وتردنا {عَنْ آلِهَتِنَا}؛ أي: عن عبادتها إلى دينك، وهذا مما لا يكون ولا يعقل {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} وتخبرنا من


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.