للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مشاهد رأي العين. وهذا (١) على مذهب البصريين. فيجعلون المضاف إليه محذوفًا, والتقدير: حق الأمر اليقين، أو الخبر اليقين. وأما الكوفيون فيقولون: فهو من إضافة الشيء إلى نفسه؛ أي: لهو محض اليقين، وخالصه. قال المبرد: هو كقولك: عين اليقين، ومحض اليقين.

٩٦ - ولما (٢) أعاد التقسيم موجزًا الكلام فيه أمره أيضًا بتسبيحه، وتنزيهه، والإقبال على عبادة ربه، والإعراض عن أقوال الكفرة المنكرين للبعث والحساب والجزاء. فقال: {فَسَبِّحْ} يا محمد أو أيها المخاطب؛ أي: نزه الله سبحانه عما لا يليق بشأنه حال كونك متلبسًا {بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}؛ أي: بذكره للتبرك به. وقيل: المعنى: فصل بذكر ربك. فالباء (٣) متعلقة بمحذوف، كما قدرنا. وقيل: زائدة. والاسم بمعنى الذات. وقيل: هي للتعدية. لأن {سَبِّحْ} يتعدى تارة بنفسه كقوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) وتارة بحرف الجر كقوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)}. والأول أولى. والعظيم يجوز أن يكون صفة لاسم، ويجوز أن يكون صفة لربك، لأن كلا منهما مجرور.

والفاء في قوله: {فَسَبِّحْ} لترتيب التسبيح أو الأمر به على ما قبلها؛ فإن حقية ما فصل في تضاعيف السورة الكريمة يوجب تنزيهه تعالى عما لا يليق بشأنه الجليل من الأمور التي من جملتها الإشراك، والتكذيب بآياته الناطقة بالحقّ. وقال أبو عثمان: فسبح شكرًا لما وفقنا أمتك إليه من التمسك بسنتك.

والمعنى (٤): أي فبعد أن استبان لك الحق، وظهر لك اليقين، فنزه ربك عما لا يليق به مما ينسبه الكفار إليه تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا.

وأخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجة عن عقبة بن عامر الجهني قال: لما نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)} قال: "اجعلوها في


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الشوكاني.
(٤) المراغي.