للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخروج منها، أو حين يذبح الموت في صورة كبش أملح بين الجنة والنار، وينادي يا أهل النار، خلود بلا موت، فييأس أهل النار من الخروج منها، أو حين يؤمر بالكافر، بالذهاب إلى النار.

وهذا (١): بيان لنجاتهم من الأفزاع بالكلية، بعد بيان نجاتهم من النار، لأنهم إذا لم يحزنهم أكبر الأفزاع، لا يحزنهم ما عداه بالضرورة. والفزع: انقباض ونفور، يعترى الإنسان من الشيء المخيف، وهو من جنس الفزع. ولا يقال: فزعت من الله، كما يقال: خفت منه. وقال بعضهم: الفزع الأكبر ذبح الموت بمرأى من الفريقين، وإطباق جهنم على أهلها؛ أي: وضع الطبق عليها بعدما أخرج منها من أخرج، فيفزع أهلها حينئذٍ فزعًا شديدًا، لم يفزعوا فزعًا أشد منه. وقال الراغب: الفزع الأكبر هو الفزع من دخول النار، اهـ.

وقرأ أبو جعفر وابن محيصن (٢): {لا يُحزنهم} بضم الياء وكسر الزاي من أحزن الرباعي لغة تميم. وقرأ الباقون {لَا يَحْزُنُهُمُ} بفتح الياء وضم الزاي؛ قال اليزيدي: حزنه لغة قريش، وأحزنه لغة تميم {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ}؛ أي: وتستقبلهم الملائكة الحفظة، الذين كتبوا أعمالهم وأقوالهم على أبواب الجنة، بالبشرى، بالنجاة من العذاب، أو ملائكة الرحمة مهنّئين لهم، قائلين: {هَذَا} اليوم، وهذا الوقت هو {يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} في الدنيا بمجيئه، وتبشرون بما لكم فيه من الثواب، كفاء إيمانكم بالله وطاعتكم له، وتزكية أنفسكم بصالح الأعمال باتباعكم أوامر ربكم، واجتنابكم نواهيه. وقصارى ذلك أنهم خلصوا من كل ما يكرهون، وفازوا بكل ما يحبون.

١٠٤ - والظرف في قوله: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ} منصوب بـ {اذْكُرْ} محذوفًا، وهو أولى وأوضح. والطي ضد النشر، وهو الجمع والدرج. والمراد، بالسماء: الجنس. والكاف في قوله: {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} صفة لمصدر محذوف. والسجل: القرطاس والصحيفة، فالطي حينئذٍ، مصدر مضاد لمفعوله، والفاعل


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.