لعذابهم، يحل بهم عند حلوله، لا يتعداهم إلى أمة أخرى {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ}؛ أي: وقت هلاكهم؛ أي: إذ جاء ذلك الأجل {فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ} عن ذلك الأجل {سَاعَةً}؛ أي: شيئًا قليلًا من الزمان {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} عليه؛ أي: فلا يملك رسولهم من دون الله تعالى، أن يقدمه ولا أن يؤخره ساعة عن الزمان المقدر له، وإن قَلَّت. وقرأ ابن سيرين:{آجالهم} على الجمع.
٥٠ - {قُلْ} يا محمَّد، لهؤلاء الذين يستعجلون منك العذاب:{أَرَأَيْتُمْ}؛ أي: أخبروني عن حالكم، وما يمكنكم أن تفعلوه {إِنْ أَتَاكُمْ} وجاءكم {عَذَابُهُ} سبحانه وتعالى، الذي تستعجلون منه {بَيَاتًا}؛ أي: وقت اشتغالكم بالنوم ليلًا {أَوْ} أتاكم {نَهَارًا}؛ أي: وقت اشتغالكم بلهوكم ولعبكم، أو بأمور معاشكم نهارًا. وجواب الشرط جملة قوله:{مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ} ولكن بتقدير: الفاء؛ لأن الجملة اسمية؛ أي إن أتاكم عذابه. فأيَّ نوع من العذاب يستعجل منه المجرمون الكذّابون، أعذاب الدنيا، أم عذاب الآخرة؟ وأيًّا ما استعجلوا فهو حماقة وجهالة والاستفهام (١) فيه للإنكار المضمن معنى النهي، ووجه الإنكار عليهم في استعجالهم أن العذاب مكروه، تنفر منه القلوب، وتأباه الطبائع، فما المقتضي لاستعجالهم له. وقيل: إن جواب الشرط محذوف، تقديره: إن أتاكم عذابه .. تندموا على الاستعجال، أو تعرفوا الخطأ منكم فيه. وقيل: إن الجواب جملة قوله:
٥١ - {أثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ}؛ أي: بعد ما وقع العذاب بكم حقيقةً، آمنتم به حين لا ينفعكم الإيمان، وتكون جملة {مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ} معترضة. والمعنى، على هذا القيل: إن أتاكم عذابه .. آمنتم به بعد وقوعه، حين لا ينفعكم الإيمان. ولكن الأول، أولى. وقرأ طلحة بن مصرف {أثُمَّ} بفتح الثاء، وهذا يناسبه تفسير الطبري، أهنالك. ودخول همزة الاستفهام الإنكاري على ثم في قوله:{أثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ} كدخولها على الواو والفاء، وهي: لإنكار إيمانهم، حيث لا ينفع الإيمان، وذلك بعد نزول العذاب، وهو يتضمن معنى التهويل عليهم، وتفظيع ما فعلوه في غير وقته، مع تركهم له في وقته الذي يحصل