للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن، فيؤذين، فشكوا ذلك، فقيل ذلك للمنافقين، فقالوا: إنما نفعله بالإماء، فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ...} الآية، ثم أخرج نحوه عن الحسن ومحمد بن كعب القرظي.

التفسير وأوجه القراءة

٥٧ - ولما ذكر الله سبحانه ما يجب لرسوله من التعظيم .. ذكر هنا الوعيد الشديد للذين يؤذونه، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ} سبحانه وتعالى (١) بفعل ما يكرهه، وارتكاب ما لا يرضاه بترك الإيمان به، ومخالفة أمره، ومتابعة هواهم، ونسبة الولد والشريك إليه تعالى، والإلحاد في أسمائه وصفاته، ونفي قدرته على الإعادة، وسب الدهر، ونحت التصاوير تشبيهًا بخلق الله تعالى. وقال ابن عباس (٢) رضي الله عنهما: هم اليهود والنصارى والمشركون، فأما اليهود فقالوا: عزير ابن الله، ويد الله مغلولة، وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء، وأما النصارى فقالوا: المسيح ابن الله، وثالث ثلاثة، وأما المشركون فقالوا: الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله عز وجل: "كذبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي .. فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد" أخرجه البخاري.

وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله عز وجل: "يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي أقلب الليل والنهار". متفق عليه.

معنى هذا الحديث: أنه كان من عادة العرب في الجاهلية أن يذموا الدهر، ويسبوه عند النوازل؛ لاعتقادهم أن الذي يصيبهم من أفعال الدهر، فقال الله تعالى: أنا الدهر؛ أي: أنا الذي أحل بهم النوازل، وأنا فاعل لذلك الذي تنسبونه إلى الدهر في زعمكم.


(١) روح البيان.
(٢) الخازن.