الذي أجل اجتماع الرسل إليه إنه ليوم عظيم. قال الفاشاني {وَإِذَا الرُّسُلُ}؛ أي: ملائكة الثواب والعقاب {أُقِّتَتْ}؛ أي: عيّنت وبلغت ميقاتها الذي عيّن لها إما لإيصال البشرى والروح والراحة، صهاما لإيصال العذاب والكرب والذلة، يقال: ليوم عظيم أخرت عن معاجلة الثواب والعقاب في وقت الأعمال، ورسل البشر وهم الأنبياء عينت وبلغت ميقاتها الذي عين لهم فيه الفرق بين المطيع والعاصي والسعيد والشقي، يقال: ليوم عظيم أخرت عن نزول العذاب بمن كذبهم، فإن الرسل يعرف كلا بسيماهم انتهى.
١٣ - وقوله: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣)} بيان ليوم التأجيل؛ أي: أخّرت ليوم يفصل الله فيه بين الخلائق ويقضي بالحقوق، ويحكم بين المحسن والمسيء. وقال بعضهم: يفصل فيه بين الحبيب وحبيبه إلا من كان معاملته في الله تعالى، وبين المرء وأمه وأبيه وأخيه إلا أن يكونوا متفقين على الحق والعدل.
١٤ - وقوله:{وَمَا أَدْرَاكَ}{ما}(١) مبتدأ، وجملة {أَدْرَاكَ} خبره. وقوله:{مَا يَوْمُ الْفَصْلِ} إظهار في مقام الإضمار لزيادة تفظيع وتهويل، على أنّ {ما} خبر مقدم، و {يَوْمُ الْفَصْلِ} مبتدأ مؤخّر، لا بالعكس، ما اختاره سيبويه؛ لأنّ محط الفائدة بيان كون يوم الفصل أمرًا بديعًا هائلًا لا يقادر قدره ولا يكتنه كنهه كما يفيده خبرية {ما}، لا بيان كون أمر بديع من الأمور يوم الفصل كما يفيده عكسه. والمعنى؛ أي: أيّ شيء جعلك داريًا وعالمًا ما هو وما كنهه؟ إذ لم تر مثله، وكذا لم ير أحد قبلك شدّته حتى تسمع منه.
١٥ - ثم صرح بالمراد وأبان من سيقع عليهم النكال والوبال حينئذٍ، فقال:{وَيْلٌ}؛ أي: هلاك عظيم ثابت {يَوْمَئِذٍ}؛ أي: في ذلك اليوم الهائل كائن {لِلْمُكَذِّبِينَ} بيوم يفصل فيه الرحمن بين الخلائق؛ أي: الويل والهلاك ثابت فيه لهم. والويل في الأصل مصدر منصوب سادّ مسدَّ فعل لا من لفظه، فأصله: أهلكه الله إهلاكًا، أو هلك هو هلاكًا، عدل به إلى الرفع للدلالة على ثبات الهلاك ودوامه للمدعوّ عليه، و {يَوْمَئِذٍ} ظرفه أو صفته، ووضع الويل موضع الإهلاك، أو الهلاك، فجاز وقوعه مبتدأ مع كونه نكرة، فإنه لما كان مصدرًا سادًّا مسدَّ فعله المتخصّص بصدوره عن