يومًا، ويفطر يومًا، وكان ينام النصف الأول من الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسده.
ومعنى الآية: أي واذكر يا محمد لقومك، قصة عبدنا داود ذي القوة في الطاعة، والفقه في الدين، فقد كان يقوم ثلث الليل، ويصوم نصف الدهر.
وفي «الصحيحين» عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود، كان يصوم يوما، ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ولا يفر إذا لاقى». وإنما كان هذا النوع أحب، لأن النفس إذا نامت الثلثين من الليل تكون أخف، وأنشط في العبادة، وقيل معناه: ذو القوة في الملك. وإنه كان رجاعًا إلى الله تعالى في جميع شؤونه، فكان كلما ذكر، ذنبه، أو خطر على باله، استغفر الله تعالى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مئة مرة»، وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا ذكر داود، وحدّث عنه، قال:«كان أعبد البشر»، وأخرج الديلمي عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينبغي لأحد أن يقول: إني أعبد من داود».
١٨ - ثم عدد سبحانه نعمه عليه، فقال:
١ - {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ}؛ أي: ذللناها مع داود، و {مع} متعلق بالتسخير، وإيثارها على اللام لكون تسخير الجبال له عليه السلام، لم يكن بطريق تفويض التصرف فيها إليه، كتسخير الريح وغيرها لسليمان عليه السلام، لكون سيرها معه، بطريق التبعية له، والاقتداء به، فتكون {مع} على حالها، ويجوز أن تكون {مع} متعلقة بما بعدها، وهو قوله:{يُسَبِّحْنَ}. وجملة التسبيح، حال من الجبال؛ أي: حالة كون الجبال يقدسن الله سبحانه مع داود، وينزهنه عما لا يليق به من النقائص، وفي هذا، بيان ما أعطاه الله تعالى، من البرهان والمعجزة، وهو