للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحرق، والحريق (١) المحرق فهو فعيل بمعنى مفعل، كأليم بمعنى مؤلم، وقيل: الحريق طبقة من طباق جهنم، وقيل: الحريقُ الملتهبُ من النار، والنار تشمل الملتهبة، وغير الملتهبةِ، والملتهبة: أشدها. وإطلاق الذوق على إحساس العذاب فيه مبالغة بليغة.

وقرأ الجمهور: {سَنَكْتُبُ} {وَقَتْلَهُمُ} بالنصب و {نقول} بنون المتكلم المعظم، أو تكون للملائكة، وقرأ الحسن، والأعرج، {سيكتب} بالياء على الغيبة، وقرأ حمزة {سيكتب} بالياء مبنيًّا للمفعول، {وقتلهم} بالرفع عطفًا على {ما} إذ هي مرفوعة بـ {سيكتب} و {يقول} بالياء على الغيبة، وقرأ طلحة بن مصرف {سنكتب ما يقولون}. وحكى الداني عنه {ستكتب ما قالوا} بتاء مضمومة على معنى مقالتهم. وقرأ ابن مسعود {ويقال ذوقوا} ونقلوا عن أبي معاذ النحوي أن في حرف ابن مسعود {سنكتب ما يقولون، ونقول: لهم ذوقوا}

١٨٢ - {ذَلِكَ} العذاب المحرق الذي تذوقون حَرارَتَهُ {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}؛ أي: بسبب ما اقترفتموه، وعملتموه في الدنيا من الأفعال القبيحة، والأقوال الشنيعة كقتل الأنبياء، ووصف الله بالفقر وجميع ما كان منكم من ضروب الكفر، وفنون الفسق، والعصيان {و} بسبب {أن الله ليس بظلام للعبيد}؛ أي: بذي ظلم لعباده، فيعذبهم بغير ذنب؛ أي: إن ذلك العذاب الذي أصابكم بسبب عملكم، وبسبب كونه تعالى عادلًا في حكمه، وفعله لا يجور، ولا يظلم، فلا يعاقب غير المستحق للعقاب، ولا يجعل المجرمين كالمتقين، والكافرين كالمؤمنين، وإنما أضاف العمل إلى الأيدي؛ لأن أكثر أعمال الإنسان تزاول باليد، وليفيدَ أن ما عذبوا عليه هو من عملهم على الحقيقة، لا أنهم أمروا به، ولم يباشروه.

١٨٣ - والخلاصة (٢): أن ترك عقاب أمثالكم مساواة بين المحسن والمسيء ووضع للشيء في غير موضعه، وهو ظلم كبير لا يصدر إلا ممن كان كثيرَ الظلم مبالغًا فيه {الَّذِينَ قَالُوا} إما منصوب على الذم، أو مجرور على أنه نعت {للذين}


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.