للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالشيء الممثل له، فتكون عبرة لمن اعتبر وعظة لمن اتعظ.

٢٦ - {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ}؛ أي: صفة كلمة قبيحة وهي كلمة الكفر بأنواعه، ويدخل (١) فيها كل كلمة قبيحة من الدعاء إلى الكفر وتكذيب الحق ونحوهما {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ}؛ أي: كمثل شجرة رديئة؛ أي: صفتها كصفتها، ويدخل فيها كل ما لا يطيب أكلها ولا ينتفع بها. قيل: هي شجرة الحنظلة، وقيل: الكمأة، وقيل: الطحلبة، وقيل: هي الكشوث - بالضم - وآخره مثلثة، وهي شجرة (٢) لا ورق لها ولا عروق في الأرض، أو هي نبت (٣) يتعلق بأغصان الشجر من غير أن يضرب بعرق في الأرض. وقرىء (٤): {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ} بالنصب عطفًا على {كَلِمَةً طَيِّبَةً}.

{اجْتُثَّتْ}؛ أي: اقتلعت واستؤصلت {مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ} لكون عروقها في وجه الأرض؛ أي: ليس (٥) لها أصل ولا عرق يغوص في الأرض، فتسميتها شجرة للمشاكلة، فكذلك الشرك بالله ليس له حجة ولا قوة {مَا لَهَا}؛ أي: لهذه الشجرة {مِنْ قَرَارٍ}؛ أي: من (٦) ثبات على الأرض؛ لأنها ليس لها أصل ثابت في الأرض ولا فرع صاعد إلى السماء، كذلك الكافر ليس فيه خير، ولا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح، ولا لاعتقاده أصل ثابت، فهذا وجه تمثيل الكافر بهذه الشجرة الخبيثة؛ أي: ومثل (٧) كلمة الكفر وما شاكلها مثل شجرة خبيثة كالحنظل ونحو مما ليس له أصل ثابت في الأرض، بل عروقها لا تتجاوز سطحها، وقد اقتلعت من فوق الأرض؛ لأن عروقها قريبة منه ولا عروق لها في الأرض، فكما أن هذه لا ثبات لها ولا دوام، فكذلك الباطل لا يدوم ولا يثبت، بل هو زائل ذاهب وثمره مر كريه كالحنظل، وفي الحقيقة تسميتها شجرة مجاز، لأن الشجرة ما له ساق، والنجم ما لا ساق له، وهي من النجم، فتسميتها شجرة


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح.
(٤) الشوكاني.
(٥) المراح.
(٦) الخازن.
(٧) المراغي.