للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكلبي (١): يقول الله تعالى للبهائم والوحوش والطيور والسباع: كوني ترابًا، فتسوى بهن الأرض، فعند ذلك يتمنى الكافر لو يكون ترابًا لعظم هول ذلك اليوم، {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}؛ أي: لا يقدرون أن يكتموا ويخفوا عن الله سبحانه وتعالى حديثًا عن عقائدهم وأعمالهم؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم.

أي: إنهم (٢) يريدون الكتمان، أولًا لما علموا أن الله لا يغفر شركًا، فيقولون: ربنا والله ربنا ما كنا مشركين، رجاء غفران الله لهم، لكنهم تشهد عليهم الأعضاء والزمان والمكان، فلم يستطيعوا الكتمان، فهنالك يودون أنهم كانوا ترابًا ولم يكتموا الله حديثًا.

قرأ نافع وابن عامر (٣): {تُسَوَّى} بفتح التاء وتشديد السين، وقرأ حمزة والكسائي: بفتح التاء وتخفيف السين، وقرأ الباقون: بضم التاء وتخفيف السين، والمعنى على القراءة الأولى والثانية: أن الأرض هي التي تسوى بهم؛ أي: أنهم تمنوا لو انفتحت لهم الأض، فساخوا فيها، وقيل: الباء في قوله: {بهم} بمعنى على؛ أي: تسوى عليهم الأرض، وعلى القراءة الثالثة الفعل مبني للمفعول؛ أي: لو سوى الله بهم الأرض، فيجعلهم والأرض سواء، حتى لا يبعثوا.

٤٣ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بما جاء به محمَّد - صلى الله عليه وسلم - {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ}؛ أي: لا تقيموا الصلاة {وَأَنْتُمْ سُكَارَى}؛ أي: حال كونكم نشاوى من شرب الشراب {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}؛ أي: إلى أن تعلموا قبل الشروع فيها ما تقولونه، بأن تفيقوا من السكر، {وَلَا} تقيموها حال كونكم {جُنُبًا}؛ أي: متصفين بالجنابة {إِلَّا} حال كونكم {عَابِرِي سَبِيلٍ}؛ أي: مسافرين، وقيل إلا اسم بمعنى (غير) صفة لـ {جُنُبًا}، أي؛ ولا تقيموها حال كونكم جنبًا غير مسافرين، {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} من الجنابة {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} مرضًا يمنع من استعمال الماء، {أَوْ عَلَى


(١) الخازن.
(٢) المراح.
(٣) الشوكاني.