سَفَرٍ}، أي: متلبسين بسفر طويل أو قصير، {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}؛ أي؛ جاء أحدكم موضع قضاء الحاجة، فأحدث بخروج شيء من أحد السبيلين، والمراد به جميع أسباب الحدث الأصغر وأصل الغائط المكان المطمئن من الأرض، وقرأ ابن مسعود من {الغيط}، وخرج على وجهين:
أحدهما: أنه مصدر، إذ قالوا: غاط يغيط غيطًا.
والثاني: أن أصله فيعل ثم حذف كـ: مَيْتٍ، قاله أبو حيان.
{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}؛ أي: أو ماسستم بشرتهن ببشرتكم، وبه استدل الشافعي - رحمه الله تعالى - على أن اللمس ينقض الوضوء، وقيل أو جامعتموهن، وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي المائدة {لمستم} واستعماله كناية عن الجماع أقل من الملامسة، {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} يجب استعماله تتطهرون به للصلاة بعد الطلب، {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا}؛ أي؛ فاقصدوا ترابًا {طَيِّبًا}؛ أي: طاهرًا بعد دخول الوقت، فاضربوا به ضربتين، {فَامسَحوا} منه {بوجوهكم} بالضربة الأولى، {وَأَيْدِيكُمْ} بالضربة الثانية، وحذف الممسوح به هنا وأظهره في آية المائدة، في قوله:{منه} فحمل عليه ما هنا، وقد أشرنا له بقولنا منه، وقوله:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} كالتعليل للترخيص المستفاد مما قبله؛ أي: كان كثير العفو والمحو لذنوب عباده عن صحف الملائكة، غفورًا: أي؛ كثير الغفر والستر لها عن أعين الملائكة، فلا يؤاخذهم بها، فلذلك يسَّر عليكم الأمر ورخص لكم في التيمم. وقال الشوكاني قوله:{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}؛ أي؛ عفا عنكم وغفر لكم تقصيركم، ورحمكم بالترخيص لكم والتوسعة عليكم انتهى.
واعلم أن الخطاب في قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} موجه إلى المسلمين قبل السكر، بأن يجتنبوه إذا ظنوا أنهم سيصلون، ليحتاطوا فيجتنبوه في أكثر الأوقات، وقد كان هذا تمهيدًا لتحريم السكر تحريمًا باتًّا لا هوادة فيه، إذ من يتقي أن يجيء عليه وقت الصلاة وهو سكران، يترك الشرب عامة النهار وأول الليل، لتفرق الصلوات الخمس في هذه المدة، فلم يبق للسكر إلا وقت النوم من