للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى آجالهم، فإني منجزك وعدي فيهم، كما أنجزت غيرك من رسلي وعدي في أممهم، فأهلكتهم، وأنجيت رسلي من بين أظهرهم. ونحو الآية قوله: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.

٤٥ - {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ} قال. المولى الجامي (١): في "شرح الكافية" من الكناية كأين، وإنما بني لأن كاف التشبيه دخلت على أيّ، وأيُّ كان في الأصل معربًا، لكنه انمحى عن الجزأين معناهما الإفرادي فصار المجموع كاسم مفرد، بمعنى كم الخبرية، فصار كأنه اسم مبني على السكون آخره نون ساكنة، كما في من، لا تنوين تمكن، ولهذا يكتب بعد الياء نون مع أن التنوين لا صورة له في الخط. انتهى. والمعنى: فكثير من القرى. وهو مبتدأ، وقوله: {أَهْلَكْنَاهَا} خبره. وقوله: {وَهِيَ ظَالِمَةٌ} جملة حالية من مفعول {أَهْلَكْنَاهَا}. والمراد ظلم أهلها بالكفر والمعاصي، وهو بيان لعدله، وتقدسه عن الظلم، حيث أخبر أنه لم يهلكهم إلا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم. وقرأ (٢) أبو عمرو وجماعة: {أهلكتها} بتاء المتكلم، على وفق قوله: فأمليت ثم أخذت. وقرأ الجمهور {أَهْلَكْنَاهَا} بنون العظمة.

أي: فكثير من أهل القرى أهلكناهم، والحال أن أهلها ظالمون بالإشراك والمعاصي وجملة قوله: {فَهِيَ خَاوِيَةٌ} معطوفة على {أَهْلَكْنَاهَا}. والمراد (٣) بضمير القرية حيطانها، والخواء بمعنى السقوط، من خوى النجم إذا سقط؛ أي: ساقطة حيطان تلك القرية. {عَلَى عُرُوشِهَا}؛ أي: على سقوفها، بأن تعطل بنيانها فخرت سقوفها، ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف. فالعروش السقوف؛ لأن كل مرتفع أظللت فهو عرش، سقفًا كان، أو كرمًا، ظلة أو نحوها.

{وَبِئْرٍ} معطوف على قرية؛ أي: وكم من بئر عارمة في البوادي؛ أي: فيها الماء ومعها آلات الاستقاء {مُعَطَّلَةٍ}: أي: متروكة مخلاة، لا يستقى منها


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.