للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السين واللام. فإن قلت: كيف (١) أثبت للأصنام نطقا هنا، ونفاه عنهما في قوله: {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ}؟

فالجواب: أن المثبت لهم هنا النطق بتكذيب المشركين في دعوى عبادتهم لها، والمنفي عنهم في الكهف النطق بالإجابة إلى الشفاعة لهم، ودفع العذاب عنهم، فلا تنافي اهـ "كرخي".

{وَضَلَّ}؛ أي: ضاع وبطل وذهب وزال {عَنْهُمْ}؛ أي: عن المشركين {مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}؛ أي: افتراؤهم من أنَّ لله شركاء أنهم ينصرونهم ويشفعون لهم، وذلك حين كذَّبوهم وتبرؤوا منهم، أو ذهب (٢) وغاب عنهم ما كانوا يعبدونه افتراءً على الله، فلا ناصر لهم ولا معين ولا شفيع، ولا ولي مما كانوا يزعمونه في الدنيا، كما قال تعالى حكايةً عنهم: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}.

٨٨ - وبعد أن ذكر عذاب المضادِّين .. بيّن عذاب الضالين المضلين فقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا} في أنفسهم {وَصَدُّوا}؛ أي: منعوا غيرهم {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}؛ أي: عن طريق الحق، وهي طريق الإِسلام والإيمان بأن منعوهم من سلوكها، وحملوهم على الكفر {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا} بحيَّاتٍ (٣) وعقارب وجوع وعطش وزمهرير وغير ذلك {فَوْقَ الْعَذَابِ} بالنار، فيخرجون من النار إلى الزمهرير، فيبادرون من شدة البرد إلى النار.

أي (٤): زادهم الله عذابًا لأجل الإضلال لغيرهم، فوق العذاب الذي استحقوه لأجل ضلالهم، وقيل: زدنا القادة عذابًا فوق عذاب أتباعهم؛ أي: أشد منه، وقيل: إن هذه الزيادة هي إخراجهم من النار إلى الزمهرير، وقيل غير ذلك، {بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}؛ أي: بسبب إفسادهم بذلك الصد.

والمعنى: أي (٥) الذين جحدوا نبوتك، وكذبوك فيما جئتم به من عند


(١) الفتوحات.
(٢) المراغي.
(٣) المراح.
(٤) الشوكاني.
(٥) المراغي.