للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباطُ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط".

التفسير وأوجه القراءة

١٩٠ - {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ}؛ أي: إن فيما خلقَ في السموات من الملائكة، والشمس والقمر، والنجوم، والسحاب {و} فيما خلق في {الأرض} من الجبال، والبحور، والشجر، والدواب، هذا إن جعلنا {خَلْقِ} مصدرًا بمعنى اسم المفعول، والمعنى: إن في مخلوقات السموات، والأرض، ويصح إبقاؤه على مصدريته، والمعنى حينئذ: إن في إيجاد السموات والأرض، وإنشائهما على ما هما عليه في ذواتهما، وصفاتهما من إبداع لأحكام، قال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧)} وبالجملة:

فَفِيْ كُلِّ شَيءٍ لَه آيَةٌ ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْوَاحِدُ

{و} في {اختلاف الليل والنهار} وتعاقبهما في وجه الأرض بكون كل منهما خلفة عن الآخر، بمجيء الليل عقبَ النهار، والنهار عقبَ الليل، فليس أحد يقدر على الإتيان بالليل في النهار، ولا العكس أو في اختلافهما بزيادة أحدهما بقدر ما نَقَصَ من الآخر بحسب اختلاف حال الشمس بالنسبة إلينا قربًا، وبعدًا {لَآيَاتٍ} واضحةً وبراهينَ قطعيةً ودلالات دالة على وجوده تعالى، وباهر قدرته، ووحدانيته، وعظيم علمه، وسلطانه.

{لِأُولِي الْأَلْبَابِ}؛ أي: لأصحاب العقول الكاملة الخالصة عن شوائب النقص الذين (١) خلص عقلهم عن الهوى خلوص اللب عن القشر، فيرون أن العرض المحدث في الجواهر يدل على حدوث الجواهر؛ لأنَّ جوهرًا ما لا ينفك عن عرض حادثٍ؛ وما لا يخلو عن الحادث فهو حادث، ثم حدوثها يدل على محدثها، وذا قديم، وإلا لاحتاج إلى محدث آخر إلى ما لا يتناهى، وحسن


(١) النسفي.