للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَفَّى}. وقرأ (١) الحسن. وحماد الراوية وابن السميقع، وأبو نهيك، ومعاذ القارئ: {وَعَدَهَا إِيَّاهُ} بالباء الموحدة.

{فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ}؛ أي: فلما ظهر لإبراهيم، {أَنَّهُ}؛ أي: أن أباه، {عَدُوٌّ لِلَّهِ}؛ أي: مستمر على الكفر ومات عليه، {تَبَرَّأَ} إبراهيم، {مِنْهُ}؛ أي: من أبيه وترك الاستغفار له؛ أي؛ إن إبراهيم استغفر لأبيه ما كان حيًّا، فلما مات أمسك عن الاستغفار له.

والمعنى: أي (٢) لم يزل إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات، فلما مات تبين له أنه عدو لله فتبرأ منه. قال ابن عباس: وقيل، تبين له ذلك بوحي من الله، فتبرأ منه ومن قرابته، وترك الاستغفار له، إذ هذا مقتضى الإيمان كما قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ} الآية.

ثم بيّن السبب الذي حمل إبراهيم على الوعد بالاستغفار لأبيه، مع شكاسته له وسوء خلقه معه كما يؤذن بذلك قوله: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} عليه السلام، {لَأَوَّاهٌ}؛ أي: كثير التأوه والدعاء والتضرع إلى الله، {حَلِيمٌ}؛ أي: صبور على المحنة؛ أي: إن إبراهيم لكثير المبالغة في خشية الله والخضوع له، صبور على الأذى والصفح عن زلات غيره عليه،

١١٥ - {وَمَا كَانَ اللَّهُ}؛ أي: وما كان من سنن الله في خلقه ولا من رحمته وحكمته {لِيُضِلَّ قَوْمًا}؛ أي: أن يصف قومًا بالضلال، ويجري عليهم أحكامه بالذم والعقاب، {بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ} إلى الإيمان، وشرح صدورهم للإسلام بقول يصدر منهم خطأ أو عمل يحدث منهم باجتهاد خاطيء، {حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ} بالوحي، {مَا يَتَّقُونَ}؛ أي: ما ينزجرون منه، وينتهون عنه من الأقوال والأفعال، بيانًا واضحًا فيمتنعوا من امتثال نهيه.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.