للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما بين (١) عجز أصنامهم عن الإبداء، والإعادة اللذين هما من أقوى أسباب القدرة، وأعظم دلائل الألوهية .. بين عجزهم عن هذا النوع من صفات الإله، وهو الهداية إلى الحق، وإلى مناهج الصواب.

وعبارة المراغي هنا: قوله تعالى: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ....} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما أقام الحجة على المشركين بما تقدم .. ذكر هنا ضربًا آخر من الحجة، أقامه عليهم سبحانه وتعالى دليلًا على توحيده وبطلان الإشراك به، جاء فيه بطريق السؤال للتوبيخ، وإلزام الخصم، فإن الكلام إذا كان ظاهرًا جليًّا ثم ذكر على سبيل الاستفهام وفوض الجواب إلى المسؤول .. يكون أوقع في النفس، وأبلغ في الدلالة على الغرض، انتهت.

التفسير وأوجه القراءة

٢٤ - {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ أي: إنما صفة الحياة الدنيا في سرعة انقضائها وفنائها وزوالها، و {إِنَّمَا}: ليست هنا للحصر؛ لأنه تعالى ضرب للحياة الدنيا أمثالًا غير هذا {كَمَاءٍ} أي: كمثل نبات ماء ومطر {أَنْزَلْنَاهُ}؛ أي: أنزلنا ذلك الماء والمطر {مِنَ السَّمَاءِ} والسحاب وإنما شبه الحياة الدنيا بماء السماء دون ماء الأرض؛ لأن ماء السماء وهو المطر لا تأثير لكسب العبد فيه، بزيادة أو نقص، بخلاف ماء الأرض، فكان تشبيه الحياة به أنسب {فَاخْتَلَطَ} واشتبك وتراكم لكثرته {بِهِ}؛ أي: بسبب ذلك الماء {نَبَاتُ الْأَرْضِ} حالة كون ذلك النبات {مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ} من الثمار والحبوب والبقول والأبازير {و} مما يأكل {الأنعام} والبهائم، من الحشيش والكلأ والعشب؛ أي؛ {إنَّمَا}: صفة الحياة الدنيا في صورتها ومآلها، كصفة نبات ماء نزل من السماء، فأنبتت به الأرض أزواجًا شتى، من النبات تشابكت وتراكمت والتفت واختلط بعضها، ببعض لكثرتها مع


(١) البحر المحيط.