للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا غيرهم {الْفَاسِقُونَ}؛ أي: الكاملون في الفسق والخروج عن الطاعة، وفي الطغيان حدود الكفر.

قال المفسرون: أول من كفر بهذه النعمة وجحد حقها الذين قتلوا عثمان - رضي الله عنه - فلما قتلوه غير الله ما بهم من الأمن وأدخل عليهم الخوف الذي رفع عنهم، حتى صاروا يقتتلون بعد أن كانوا إخوانًا متحابين. والله تعالى لا يغير نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وفي الحديث: "إذا وضع السيف في أمتي، لا يرفع عنها إلى يوم القيامة".

٥٦ - وجملة قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} معطوفة (١) على مقدر يدل عليه السياق، كأنه قيل لهم: فآمنوا واعملوا صالحًا، وأقيموا الصلاة إلخ. وقيل: معطوف على {وَأَطِيعُوا اللَّهَ}. وقيل: التقدير: فلا تكفروا، وأقيموا الصلاة؛ أي: أدوا الصلوات الخمس في مواقيتها بأركانها وشروطها وآدابها، وأعطوا الزكاة المفروضة في أموالكم إلى مستحقيها.

{وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}؛ أي: اتبعوا الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، فيما أمركم به ونهاكم عنه، فهو من باب التكميل. {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}؛ أي: لكي تنالوا رحمة الله سبحانه في الدنيا والآخرة؛ أي: افعلوا ما ذكر من الإقامة والإيتاء والإطاعة، راجين أن يرحمكم الله سبحانه وتعالى بسبب امتثالكم هذه المأمورات. فهو متعلق بالأوامر الثلاثة. وكرر الأمر بطاعة الرسول للتأكيد، وخصه بالطاعة لأن طاعته طاعة الله تعالى. ولم يذكر ما يطيعونه فيه لقصد التعميم، كما يشعر به الحذف، على ما تقرر في علم المعاني، من أن مثل هذا الحذف مشعر بالتعميم.

٥٧ - {لَا تَحْسَبَنّ} يا محمد، أو يا من يصلح للخطاب كائنًا من كان {الَّذِينَ كَفَرُوا} مفعول أول للحساب. {مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} (٢)؛ أي: معجزين لله عن إدراكهم لاهلاكهم في قطر من الأقطار بما رحبت، فائتين عنه، وإن هربوا منها


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.