للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}؛ أي: لا تسلكوا ولا تقتدوا طرق وساوس الشيطان في تحريم الحرث والأنعام، أو لا تقتدوا به في اتباع الهوى، فتحرموا الحلال وتحللوا الحرام، أو لا تتبعوا سيرته في الإغواء ووسوسته في الأمر بالسوء والفحشاء، والمعنى: احذروا أن تتعدوا ما أحل لكم إلى ما يدعوكم إليه الشيطان {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}؛ أي: بيَّن العداوة وظاهرها عند ذوي البصيرة؛ إذ هو منشأ الخواطر الرديئة، والمحرض على ارتكاب الجرائم والآثام. قال تعالى: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا}.

فهذا نهي عن اتباع وحي الباطل والشر؛ لأنه من إغواء الشيطان، فإذا عرض للإنسان داعي البذل لمعاونة البائس الفقير، فهم نفسه بالعمل، ثم جاش في صدره خاطر الاقتصاد والتوفير .. فليعلم أن هذا من وحي الشيطان، ولا ينخدع لما يسِّوله له من إرجاء هذا العطاء، ووضعه في موضع أنفع أو بذله لفقير أحوج.

وقرأ ابن عامر (١)، والكسائي، وقنبل، وحفص، وعباس عن أبي عمرو، والبرجمي عن أبي بكر: {خُطُوَاتِ} بضم الخاء والطاء وبالواو، وقرأ باقي السبعة بضم الخاء، وسكون الطاء، وبالواو، وقرأ أبو السمال شذوذًا: {خُطَوات} بضم الخاء وفتح الطاء وبالواو، ونقل ابن عطية، والسجاوندي أن أبا السمال قرأ شذوذًا: {خَطَوات} - بفتح الخاء والطاء وبالواو - جمع خطوة، وهي المرة من الخطو، وقرأ علي، وقتادة، والأعمش، وسلام شذوذًا {خُطُؤات} بضم الخاء والطاء والهزة.

١٦٩ - وقد أظهر الله عداوته بآية السجود لآدم، وبيَّن هنا كيفية عداوته، وفنون شره وإفساده، فقال: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ} الشيطان {بِالسُّوءِ}؛ أي: القبيح من الذنوب التي لا حد فيها، {وَالْفَحْشَاءِ}؛ أي: المعاصي التي فيها حد، وقيل: العطف فيه لاختلاف الوصفين؛ فإنه سوء لاغتمام العاقل به، وفحشاء باستقباحه إياه، وقيل:


(١) المراغي.